وبينه. فقال له شهر بن حوشب لا تشربوا منه حتى تشربوا من الحميم، فقال عباس بن علي:
يا أبا عبد الله، نحن على الحق فنقاتل؟ قال نعم. فركب فرسه، وحمل بعض أصحابه على الخيول، ثم حمل عليهم فكشفهم عن الماء حتى شربوا وسقوا. ثم بعث عبيد الله بن زياد عمرو بن سعيد يقاتلهم. قال الحسين: يا عمرو، اختر مني ثلاث خصال: إما أن تتركني أرجع كما جئت، فإن أبيت هذه فأخرى، سيرني إلى الترك أقاتلهم حتى أموت، أو تسيرني إلى يزيد فأضع يدي في يده، فيحكم في بما يريد. فأرسل عمرو إلى ابن زياد بذلك فهم أن يسيره إلى يزيد. فقال له شهر بن حوشب: قد أمكنك الله من عدوك وتسيره إلى يزيد، والله لئن سار إلى يزيد لا رأى مكروها، وليكونن من يزيد بالمكان الذي لا تناله أنت منه، ولا غيرك من أهل الأرض، لا تسيره ولا تبلغه ريقه حتى ينزل على حكمك. قال: فأرسل إليه يقول:
لا، إلا أن تنزل على حكمي. فقال الحسين: أنزل على حكم ابن زانية؟ لا والله لا أفعل، الموت دون ذلك وأحلى. قال: وأبطأ عمرو بن سعيد عن قتاله. فأرسل عبيد الله بن زياد إلى شهر ابن حوشب إن تقدم عمرو يقاتل، وإلا فأقتله، وكن أنت مكانه. قال: وكان مع عمرو ابن سعيد من قريش ثلاثون رجلا من أهل الكوفة، فقالوا: يعرض عليكم ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث خصال لا تقبلون واحدة منها؟ فتحولوا مع الحسين، فقاتلوا.
قال. فرأى رجل من أهل الكوفة عبد الله بن الحسين بن علي على فرس، وكان من أجمل الناس.
قال: لأقتلن هذا الفتى، فقيل له ويحك، ما تصنع بقتله، دعه، قال: فحمل عليه فضربه، فقطع يده، ثم ضربه ضربة أخرى فقتله، ثم قتلوا جميعا. فقتل يومئذ الحسين بن علي، وعباس بن علي، وعثمان بن علي، وأبو بكر بن علي، وجعفر بن علي، وأمهم أم البنين بنت حرام الكلابية، وإبراهيم بن علي، وأمه أم ولد، وعبد الله بن علي، وخمسة من بني عقيل، وابنان لعبد الله بن جعفر: عون، ومحمد، وثلاثة من بني هاشم، ونساء من نسائهم، وفيهم فاطمة بنت الحسين بن علي، وفيهم محمد بن علي، وابنا جعفر، ومحمد بن الحسين بن علي.
قدوم من أسر من آل علي على يزيد قال: وذكروا أن أبا معشر قال: حدثني محمد بن الحسين بن علي، قال: دخلنا على يزيد، ونحن اثنا عشر غلاما مغللين في الحديد وعلينا قمص. فقال يزيد: أخلصتم أنفسكم بعبيد أهل العراق؟ وما علمت بخروج أبي عبد الله حين خرج، ولا بقتله حين قتل. قال:
فقال علي بن الحسين: (ما أصاب من مصبية في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها، إن ذلك على الله يسير. لكيلا تأسوا على ما فاتكم، ولا تفرحوا بما آتاكم، والله