بسم الله الرحمن الرحيم ذكر اختلاف الرواة في وقعة الحرة وخبر يزيد قال: وذكروا أنه لما بويع يزيد بن معاوية خرج الحسين حتى قدم مكة، فأقام هو وابن الزبير. قال: وقدم عمرو بن سعيد بن العاص في رمضان أميرا على المدينة وعلى الموسم، وعزل الوليد بن عقبة، فلما استوى على المنبر رعف فقال أعرابي مستقبله: مه مه! جاءنا والله بالدم فتلقاه رجل بعمامته، فقال مه! عم والله الناس، ثم قام يخطب، فناوله آخر عصا لها شعبتان.
فقال: مه! شعب والله الناس. ثم خرج إلى مكة، فقدمها يوم التروية، فصلى الحسين ثم خرج.
فلما انصرف عمرو بلغه أن الحسين خرج، فقال: اركبوا كل بعير بين السماء والأرض فاطلبوه. قال: فكان الناس يعجبون من قوله هذا. قال: فطلبوه فلم يدركوه، فأرسل عبد الله بن جعفر ابنيه عونا ومحمدا ليردا الحسين. فأبى أن يرجع، وخرج الحسين بابني عبد الله ابن جعفر معه، ورجع عمرو بن سعيد بن العاص إلى المدينة، فأرسل إلى ابن الزبير، فأبى أن يأتيه، وامتنع برجال معه من قريش وغيرهم. قال: فبعث عمرو بن سعيد جيشا من المدينة يقاتلون ابن الزبير. قال: فضرب على أهل الديوان البعث إلى مكة، وهم كارهون للخروج. فقال لهم: إما أن تأتوا ببدل، وأما أن تخرجوا. فقال: فجاء الحارث بن مالك بن البرصاء برجل استأجره بخمس مئة درهم إلى عمرو بن سعيد. فقال: قد جئت برجل بدلي.
فقال الحارث للرجل الذي استأجره هل لك أن أزيدك خمس مئة أخرى، وتنكح أمك؟ فقال له: أما تستحي؟ فقال: إنما حرمت عليك أمك في مكان واحد، وحرمت عليك الكعبة في كذا وكذا مكان من القرآن. قال فجاء به إلى عمرو بن سعيد، قال: قد جئتك برجل لو أمرته أن ينكح أمه لنكحها. فقال له عمرو: لعنك الله من شيخ. قال: فبعثهم إلى مكة يقاتلون ابن الزبير، فهزم عمرو ابن الزبير، وبعث يزيد بن معاوية عبد الله بن مسعدة الفزاري، يخطب الناس بالمدينة. فقال في خطبته: أهل الشام جند الله الأعظم، وأهل الشام خير الخلق.
فقال الحارث بن مالك: ائذن لي أن أتكلم. فقال: اجلس لا أجلسك الله من شيخ. قال:
فتشهد الحارث وقال: لعمر الله لنحن خير من أهل الشام، ما نقمت من أهل المدينة إلا أنهم قتلوا