لا يحب كل مختال فخور). قال: فغضب يزيد، وجعل يعبث بلحيته، وقال: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم، ويعفو عن كثير) يا أهل الشام ما ترون في هؤلاء؟ فقال رجل من أهل الشام لا تتخذن من كلب سوء جروا. فقال النعمان بن بشير: يا أمير المؤمنين!
اصنع بهم ما كان يصنع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لو رآهم بهذه الحال. فقالت فاطمة بنت الحسين: يا يزيد بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فبكى يزيد حتى كادت نفسه تفيض، وبكى أهل الشام حتى علت أصواتهم. ثم قال: خلوا عنهم، واذهبوا بهم إلى الحمام، واغسلوهم، واضربوا عليهم القباب، ففعلوا، وأمال عليهم المطبخ وكساهم، وأخرج لهم الجوائز الكثيرة من الأموال والكسوة ثم قال: لو كان بينهم وبين عاض بظر أمه (1) نسب ما قتلهم، ارجعوا بهم إلى المدينة. قال: فبعث بهم من صار إلى المدينة.
إخراج بني أمية عن المدينة، وذكر قتال أهل الحرة قال: وذكروا في قصة إخراج بني أمية عن المدينة، قالوا: بعث عثمان بن محمد أمير المدينة إلى يزيد بقميصه مشقوقا، وكتب إليه: وا غوثاه! إن أهل المدينة أخرجوا قومنا من المدينة.
قال أبو معشر: فخرج يزيد بعد العتمة، ومعه شمعتان شمعة عن يمينه، وشمعة عن يساره، وعليه معصفرتان، وقد نقش جبهته كأنها ترس، فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
أما بعد، يا أهل الشام، فإنه كتب إلي عثمان بن محمد أن أهل المدينة أخرجوا قومنا من المدينة، ووالله لأن تقع الخضراء على الغبراء أحب إلي من هذا الخبر. قال: وكان معاوية أوصى يزيد فقال له: إن رابك من قومك ريب، أو تنقص عليك منهم أحد، فعليك بأعور بني مرة، فاستشره، يعني مسلم بن عقبة، فلما كانت تلك الليلة قال يزيد: أين مسلم بن عقبة؟ فقام فقال: ها أنا ذا. قال عبئ ثلاثين ألفا من الخيل. قال وكان معقل بن سنان الأشجعي نازلا على مسلم بن عقبة. فقال له مسلم بن عقبة: إن أمير المؤمنين أمرني أن أتوجه إلى المدينة في ثلاثين ألفا. فقال له: استعفه. قال: لا. قال: فاركب فيلا أو فيلة، وتكون أبا يكسوم (2)، فمرض مسلم قبل خروجه من الشام، فأدنف فدخل عليه يزيد ابن معاوية يعوده، قال له: قد كنت وجهتك لهذا البعث، وكان أمير المؤمنين معاوية