ذكر ما وجد موسى في البيت الذي وجد فيه المائدة مع صور العرب قال: وذكروا أن هرم بن عياض حدثهم عن رجل من أهل العلم، أنه كان مع موسى بالأندلس حين فتح البيت الذي كانت فيه المائدة، التي ذكروا أنها كانت لسليمان بن داود عليه السلام. فقال: كان بيتا عليه أربعة وعشرون قفلا، كان كلما تولى ملك، جعل عليه قفلا اقتداء منه بفعل من كان قبله، حتى إذا كانت ولاية لذريق القرطبي، الذي افتتحت الأندلس على يديه وفي ملكه قال: والله لا أموت بغم هذا البيت، ولأفتحنه حتى أعلم ما فيه، فاجتمعت إليه النصرانية والأساقفة والشمامسة، وكل منهم معظم له. فقالوا له: ما تريد بفتح هذا البيت؟
فقال: والله لا أموت بغمه، ولأعلمن ما فيه. فقالوا: أصلحك الله، إنه لا خير في مخالفة السلف الصالح، وترك الاقتداء بالأولية، فاقتد بمن كان قبلك، وضع عليه قفلا كما صنع غيرك، ولا يحملك الحرص على ما لم يحملهم عليه، فإنهم أولى بالصواب منا ومنك، فأبى إلا فتحه.
فقالوا له: أنظر ما ظننت أن فيه من المال والجواهر، وما خطر على قلبك، فإنا ندفعه إليك، ولا تحدث علينا حدثا لم يحدثه فيه من كان قبلك من ملوكنا، فإنهم كانوا أهل معرفة وعلم.
فأبى إلا فتحه، ففتحه، فوجد فيه تصاوير العرب، ووجد كتابا فيه: إذا فتح هذا البيت دخل هؤلاء الذين هيئاتهم هكذا، هذه البلاد فملكوها. فكان دخول المسلمين من العرب إليه في ذلك العام.
ذكر ما أفاء الله عليهم قال: وذكروا عن الليث بن سعد أن موسى لما دخل الأندلس، ضربوا الأوتاد لخيولهم في جدار كنيسة من كنائسها، فتلفت الأوتاد فلم تلج (1) فنظروا فإذا بصفائح الذهب والفضة خلف بلاط الرخام. قال: وذكروا أن رجلا كان مع موسى ببعض غزواته بالأندلس، وأنه رأى رجلين يحملان طنفسة (2) منسوجة بالذهب والفضة والجوهر والياقوت، فلما أثقلتهما أنزلاها، ثم حملا عليها الفأس فقطعاها نصفين، فأخذا نصفا وتركا الآخر. قال: فلقد رأيت الناس يمرون يمينا وشمالا، ما يلتفتون إليها استغناء عنها بما هو أنفس منها وأرفع. قال: وأقبل رجل