فقال سليمان: هو ذاك. فقال موسى: وهو ذاك، فلم يزل يرددها سليمان، ويرددها موسى، حتى سكت سليمان.
سؤال سليمان بن عبد الملك موسى عن أخباره وأفعاله قال: وذكروا أن سليمان قال لموسى: ما الذي كنت تفزع إليه في مكان حربك من أمور عدوك؟ قال: التوكل، والدعاء إلى الله يا أمير المؤمنين. قال له سليمان: هل كنت تمتنع في الحصون والخنادق، أو كنت تخندق حولك؟ قال: كل هذا لم أفعله. قال: فما كنت تفعل؟ قال: كنت أنزل السهل، وأستشعر الخوف والصبر، وأتحصن بالسيف والمغفر، وأستعين بالله، وأرغب إليه في النصر. قال له سليمان: فمن كان من العرب فرسانك؟ قال حمير. قال: فأي الخيل رأيت في تلك البلاد أصبر؟ قال شقرها. قال: فأي الأمم كانوا أشد قتالا؟ قال: إنهم يا أمير المؤمنين أكثر مما أصفهم. قال له: أخبرني عن الروم. قال:
أسود في حصونهم، عقبان على (1) خيولهم، نساء في مواكبهم (2) إن رأوا فرصة افترصوها، وإن خافوا غلبة فأوعال (3)، ترقل في أجبال، لا يرون عارا في هزيمة تكون لهم منجاة.
قال: فأخبرني عن البربر. قال: هم يا أمير المؤمنين أشبه العجم بالعرب: لقاء ونجدة، وصبرا وفروسية، وسماحة وبادية، غير أنهم يا أمير المؤمنين غدر. قال: فأخبرني عن الأشبان، قال: ملوك مترفون، وفرسان لا يجبنون. قال: فأخبرني عن الإفرنج. قال: هناك يا أمير المؤمنين العدد والعدة، والجلد والشدة وبين ذلك أمم كثيرة، ومنهم العزيز، ومنهم الذليل، وكلا قد لقيت بشكله، فمنهم المصالح، ومنهم المحارب المقهور، والعزيز البذوخ (4). قال:
فأخبرني كيف كانت الحرب بينك وبينهم، أكانت عقبا (5)؟ قال: لا يا أمير المؤمنين، ما هزمت لي راية قط، ولا فض لي جمع، ولا نكب المسلمون معي نكبة، منذ اقتحمت