حدث السن، فقيل له: ارفع رأسك لهذا الأمر، فقال: أستخير الله وأنظر، فرأى القوم أنه ذو ورع عن القيام في ذلك، فخرجوا فأتوا عمرو بن سعيد، فقالوا له: يا أبا أمية، ارفع رأسك لهذا الأمر، فجعل يشير ويقول: والله لأفعلن لأفعلن، فلما خرجوا من عنده قالوا: هذا حديث علج. فأتوا مروان بن الحكم، فإذا عنده مصباح، وإذا هم يسمعون صوته بالقرآن، فاستأذنوا ودخلوا عليه، فقالوا له: يا أبا عبد الملك، ارفع رأسك لهذا الأمر، فقال: استخيروا الله واسألوه أن يختار لأمة محمد خيرها وأعدلها ما شاء الله.
بيعة أهل الشام مروان بن الحكم قال: وذكروا أن روح بن زنباع قال لمروان بن الحكم: إن معي أربع مائة رجل من جذام، وسامرهم أن يبتدرا في المسجد غدا، فمر ابنك عبد العزيز أن يخطب، ويدعوهم إليك، وأنا آمرهم أن يقولوا صدقت، فيظن الناس أن أمرهم واحد، قال: فلما أصبح عبد العزيز خرج على الناس وهم مجتمعون، فقام: فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ما أحد أولى بهذا الأمر من مروان بن الحكم، إنه لكبير قريش وشيخها، وأفرطها عقلا وكمالا، ودينا وفضلا، والذي نفسي بيده، لقد شاب شعر ذراعيه من الكبر. فقال الجذاميون: صدقت. فقال خالد بن يزيد: أمر قضي بليل. فبايعوا مروان بن الحكم. فقال عمرو بن سعيد للضحاك بن قيس:
أرضيت أن تكون بريدا لابن الزبير، وأنت أكبر قريش وسيدها، تعال نبايعك، فخرج به إلى مرج راهط، فلما دعاه إلى البيعة اقتتلوا، فقتل الضحاك بن قيس، فقال عمرو بن سعيد لأهل الشام، ما صارت أيديكم إلا مناديل، من جاءكم مسح يده بها، إن مروان سيد قريش، وأكبرهم سنا، فبايعوا مروان بن الحكم، وقتل الضحاك بن قيس، وهزم أصحابه، وكانت قيس مع الضحاك، وكان اليمن مع عمرو بن سعيد، فمكث مروان ما شاء الله أن يمكث، ثم قال له أصحابه: والله ما نتخوف إلا خالد بن يزيد بن معاوية، وإنك إن تزوجت أمه كسرته، وأمه ابنة هاشم بن عتبة بن ربيعة، فخطبها مروان بن الحكم، فتزوجها، وأقام بالشام، ثم أراد أن يخرج إلى مصر. فقال لخالد: أعرني سلاحا إن كان عندك. قال:
فأعاره سلاحا، وخرج إلى مصر، فقاتل أهل مصر، وسبى ناسا كثيرا، فافتدوا منه، ثم قدم الشام.
موت مروان بن الحكم قال: وذكروا أن مروان بن الحكم لما قدم الشام من مصر، قال له خالد بن يزيد