أقدمك إلى النار، ثم قال لرجل من أهل الشام: اضرب لي مفرق رأسه، فضرب، فمال نصفه هاهنا، ونصفه هاهنا، ثم قتل الباقين:
ذكر قتل سعيد بن جبير قال، وذكروا أن مسلمة بن عبد الملك، كان واليا على أهل مكة، فبينما هو يخطب على المنبر، إذ أقبل خالد بن عبد الله القسري من الشام واليا عليها، فدخل المسجد، فلما قضى مسلمة خطبته، صعد خالد المنبر، فلما ارتقى في الدرجة الثالثة، تحت مسلمة، أخرج طومارا مختوما، ففضه، ثم قرأه على الناس، فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين إلى أهل مكة، أما بعد: فإني وليت عليكم خالد بن عبد الله القسري، فاسمعوا له وأطيعوا، ولا يجعلن امرؤ على نفسه سبيلا، فإنما هو القتل لا غير، وقد برئت الذمة من رجل أوي سعيد بن جبير، والسلام. ثم التفت إليهم خالد وقال: والذي نحلف به، ونحج إليه، لا أجده في دار أحد إلا قتله، وهدمت داره، ودار كل من جاوره، واستبحت حرمته. وقد أجلت لكم فيه ثلاثة أيام، ثم نزل، ودعا مسلمة برواحله ولحق بالشام، فأتى رجل إلى خالد فقال له: إن سعد بن جبير بواد من أودية مكة، مختفيا بمكان كذا، فأرسل خالد في طلبه، فأتاه الرسول، فلما نظر إليه الرسول قال إنما أمرت بأخذك، وأتيت لأذهب بك إليه، وأعوذ بالله من ذلك، فالحق بأي بلد شئت، وأنا معك. قال له سعيد بن جبير:
ألك هاهنا أهل وولد قال: نعم. قال: إنهم يؤخذون وينالهم من المكروه مثل الذي كان ينالني. قال الرسول: فإني أكلهم إلى الله. فقال سعيد: لا يكون هذا. فأتى به إلى خالد فشده وثاقا، وبعث به إلى الحجاج. فقال له رجل من أهل الشام: إن الحجاج قد أنذر بك وأشعر قبلك، فما عرض له، فلو جعلته فيما بينك وبين الله لكان أزكى من كل عمل يتقرب به إلى الله. فقال خالد، وقد كان ظهره إلى الكعبة قد استند إليها: والله لو علمت أن عبد الملك لا يرضى عني إلا ينقض هذا البيت حجرا حجرا لنقضته في مرضاته. فلما قدم سعيد على الحجاج، قال له ما اسمك؟ قال: سعيد. قال: ابن من؟ قال: ابن جبير. قال: بل أنت شقي بن كسير؟ قال سعيد: أمي أعلم باسمي واسم أبي. قال الحجاج: شقيت وشقيت أمك.
قال سعيد: الغيب يعلمه غيرك. قال الحجاج: لأوردنك حياض الموت، قال سعيد: أصابت إذا أمي اسمي. فقال الحجاج: لأبدلنك بالدنيا نارا تلظى. قال سعيد: لو أني أعلم أن ذلك بيدك لاتخذتك إلها. قال الحجاج: فما قولك في محمد؟ قال سعيد: نبي الرحمة، ورسول رب العالمين إلى الناس كافة بالموعظة الحسنة. فقال الحجاج: فما قولك في الخلفاء؟ قال سعيد: