الامامة والسياسة - ابن قتيبة الدينوري ، تحقيق الزيني - ج ٢ - الصفحة ٧٨
يزيد بن المهلب بمئة ألف دينار، فأهدى إليه موسى حقا فيه ثلاث خرزات، فبعث بهن إلى ابن المهلب فقومهن، فقوبلن بثلاث مئة ألف دينار. فقال ابن المهلب لموسى: أتدري لم قلت لأمير المؤمنين أنا أضمه؟ قال: لا، قال: خفت أن يجيبه قبلي من لا يرى فيك ما أنا عليه لك، وكانت لك يد عند المهلب رحمه الله. فأحببت أن أجزيك بها عنه، وبالله لو لم تفعل وأبيت عن المقاضاة ما شاكتك عندي شوكة حتى لا يبقى لآل المهلب مال ولا ثوب.
قال: فجزاه موسى خيرا.
ذكر يد موسى إلى المهلب قال: وذكروا أن مخبرا أخبرهم من شيوخ الشام ممن أدرك القوم وصحبتهم قال: كانت اليد التي أسداها موسى إلى المهلب، أن عبد الملك بن مروان لما ولي العراق بشرا أخاه، جعل منه موسى بن نصير وزيرا ومديرا لأمره، وقد كانت الأزارقة أفسدت ما هنالك، فأمر عبد الملك بشر بن مروان أن يولي المهلب قتالهم، وكان بشر للمهلب مسيئا، فلما قدم بشر العراق، وعلم المهلب برأيه، اعتزل بشرا. فلم يأته، فولى بشر بن مروان قتال الأزارقة، الوليد بن خالد، فانهزم وافتضح، ثم ولى بشر رجلا آخر، فلم يصنع شيئا، فكتب عبد الملك إلى بشر أخيه، يفند رأيه فيما صنع، ويوبخه لما خالف أمره، فصمم بشر على رأيه، فلما استغلظ أمر الأزارقة، استشار بشر بن مروان أسماء بن خارجة، وعكرمة بن ربعي، وموسى بن نصير في أمر المهلب. فأما عكرمة وأسماء فوافقا هواه فيه، وأما موسى فقال له:
إن أمير المؤمنين لا يحتملك على المعصية، وليس مثل المهلب في فضله وشرفه، وقدره في قومه ومعرفته، أقصيت أو جفوت، فإن كان بلغك أمر يقال إنه أتاه، فاكشفه عنه، حتى تعلم عذره فيه أو ذنبه، فلم يزل موسى يردد أمر المهلب على بشر، ويعطفه عليه، بعد أن كان هم بقتله إن ظفر به، حتى أرسل إليه بشر فجاءه المهلب فتنصل إليه المهلب، فقبل منه بشر، وولاه ما كان يلي، فبعث إليه موسى بخمسين فرسا وبمئة بعير. وقال له: استعن بها على حربك، ثم لم يزل موسى قائما بأمره عند بشر، حتى هلك بشر.
قالوا: وأخبرنا محمد بن عبد الملك أن المهلب في الأيام التي كان يخاف فيها بشر بن مروان على نفسه، خرج إلى مال له، فكان فيه وحده، فأتى رجل إلى بشر وعنده موسى، فقال له: إن كان لك أيها الأمير بالمهلب حاجة فابعث خيلا إلى موضع كذا وكذا، فإنه فيه في غار وحده، وليس معه فيه رجل من قومه. فبعث بشر خيلا، قال: فنهض من مجلسه موسى، فوجه إليه غلاما له، ثم قال له: أنت حر لوجه الله، إن أنت سبقت هذه الخيل حتى تنتهي
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر اختلاف الرواة في وقعة الحرة وخبر يزيد 3
2 ولاية الوليد المدينة وخروج الحسين بن علي 4
3 قتال عمرو بن سعيد الحسين وقتله 5
4 قدوم من أسر من آل علي على يزيد 6
5 إخراج بني أمية عن المدينة، وذكر قتال أهل الحرة 7
6 حرب ابن الزبير رضي الله عنهما 9
7 خلاف معاوية بن يزيد 10
8 غلبة ابن الزبير رضي الله عنهما وظهوره 11
9 حريق الكعبة - اختلاف أهل الشام على ابن الزبير 12
10 بيعة أهل الشام مروان بن الحكم - موت مروان بن الحكم 13
11 بيعة عبد الملك بن مروان وولايته 14
12 غلبة ابن الزبير على العراقيين وبيعتهم 15
13 بيعة أهل الكوفة لابن الزبير وخروج ابن زياد عنهما 16
14 قتال المختار عمرو بن سعد 19
15 قتل مصعب بن الزبير المختار بن أبي عبيد الله - خلع ابن الزبير 20
16 قتل عبد الملك عمرو بن سعيد 21
17 مسير عبد الملك إلى العراق 22
18 قتل مصعب بن الزبير - ذكر حرب ابن الزبير وقتله 23
19 ولاية الحجاج على العراقيين 25
20 خروج ابن الأشعث على الحجاج 26
21 حرب الحجاج مع ابن الأشعث وقتله 29
22 أسر عامر بن سعيد الشعبي 39
23 انهزام ابن الأشعث وقيام عبد الرحمن بن عياش 41
24 ذكر قتل سعيد بن جبير 42
25 ذكر بيعة الوليد وسليمان بن عبد الملك 44
26 موت عبد الملك وبيعة الوليد 46
27 تولية موسى بن نصير البصرة 48
28 دخول موسى بن نصير على عبد الملك بن مروان - تولية موسى بن نصير على إفريقية 49
29 خطبة موسى بن نصير رحمه الله - دخول موسى بن نصير إفريقية 50
30 خطبة موسى بإفريقية 51
31 فتح زعوان - قدوم كتاب الفتح على عبد العزيز بن مروان - إنكار عبد الملك تولية موسى بن نصير 52
32 جوابه - كتاب عبد العزيز بالفتح إلى عبد الملك - جوابه 53
33 فتح هوارة وزناته وكتامة - فتح صنهاجة 54
34 فتح سجوما 55
35 قدوم الفتح على عبد الملك بن مروان 56
36 غزوة موسى في البحر 57
37 غزوة السوس الأقصى 58
38 قدوم الفتوحات على الوليد بن عبد الملك - فتح قلعة أرساف 59
39 فتح الأندلس 60
40 اتهام الوليد موسى بالخلع - دخول وفد موسى على الوليد بن عبد الملك 62
41 ذكر ما وجد موسى في البيت الذي وجد فيه المائدة مع صور العرب - ذكر ما أفاء الله عليهم 63
42 غزوة موسى بن نصير البشكنس والإفرنج 64
43 خروج موسى بن نصير من الأندلس - قدوم موسى إفريقية 66
44 قدوم موسى إلى مصر - قدوم موسى على الوليد رحمهما الله 68
45 خلافة سليمان بن عبد الملك وما صنع بموسى بن نصير 69
46 عدة موالي موسى بن نصير 70
47 ذكر ما رآه موسى بالمغرب من العجائب 71
48 تولية سليمان بن عبد الملك أخاه مسلمة وما أشار به موسى عليه 72
49 سؤال سليمان موسى عن المغرب 73
50 ذكر قدوم موسى على الوليد 74
51 ذكر اختلاف الناقلين في صنع سليمان بموسى 77
52 نسخة القضية 77
53 ذكر يد موسى إلى المهلب 78
54 ذكر قتل عبد العزيز بن موسى بالأندلس 79
55 قدوم رأس عبد العزيز بن موسى عن أخباره وأفعاله 83
56 ذكر ولاة الأندلس بعد موسى بن نصير - ذكر حج سليمان مع عمر بن عبد العزيز 86
57 ما قال طاووس اليماني لسليمان بمكة 87
58 ذكر وفاة سليمان واستخلافه عمر بن عبد العزيز 92
59 أيام عمر بن عبد العزيز 96
60 ذكر قدوم جرير بن الخطفى على عمر بن عبد العزيز 97
61 وفاة الرشيد والمأمون خارج العراق - اتصال أشرار العراق بالأمين وإيغار صدره على أخيه الأمين 174
62 دخول المأمون قصر الخلافة وحبسه أخاه الأمين - هروب الأمين من السجن وقتله - تمام الكتاب 175