العرب شيئا مليحا، وكتب كتابا بالرومية جوابا لكتاب، كأنه كان كتب به إلى موسى يسأله الأمان، على أن يدله على عورة الروم، وكتاب فيه أمان من موسى مطبوع، فسار حتى انتهى إلى الموضع الذي وصف له موسى، فترك الأذن بما فيها، وانصرف راجعا في الأذن الأخرى حتى قدم على موسى، وأن الروم لما عثروا على أذن موسى استنكروها، فارتفع أمرها إلى بطريق تلك الناحية، فأخذ ما فيها. فلما رأى ما فيها من الكتب والهدية هاب ذلك، فبعث بها كما هي إلى الملك الأعظم. فلما أفضت إليه، وقرأ الكتب تحقق ذلك عنده، فبعث إلى أرساف رجلا وملكه عليها، وأمر أن يضرب عنق صاحبها الذي أغار على سواحل أفريقية، ففعل، فقتل الله بحيلة موسى.
فتح الأندلس قال: وذكروا أن موسى وجه طارقا مولاه إلى طنجة وما هنالك، فافتتح مدائن البربر وقلاعها، ثم كتب إلى موسى: إني قد أصبت ست سفن، فكتب إليه موسى. أتممها سبعا، ثم سر بها إلى شاطئ البحر، واستعد لشحنها، واطلب قبلك رجلا يعرف شهور السريانيين، فإذا كان يوم أحد وعشرين من شهر أذار بالسرياني، فاشحن على بركة الله ونصره في ذلك اليوم، فإن لم يكن عندك من يعرف شهور السريان، فشهور العجم، فإنها موافقة لشهور السريان، وهو شهر يقال له بالأعجمية مارس، فإذا كان يوم أحد وعشرين منه، فاشحن على بركة الله كما أمرتك إن شاء الله، فإذا أجريت فسر حتى يلقاك جبل أحمر، وتخرج منه عين شرقية، إلى جانبها صنم فيه تمثال ثور، فاكسر ذلك التمثال، وانظر فيمن معك إلى رجل طويل أشعر، بعينيه قبل (1)، وبيده شلل، فاعقد له على مقدمتك، ثم أقم مكانك حتى يغشاك إن شاء الله. فلما انتهى الكتاب إلى طارق كتب إلى موسى: إني منته إلى ما أمر الأمير ووصف، غير أني لم أجد صفة الرجل الذي أمرتني به إلا في نفسي، فسار طارق في ألف رجل وسبع مئة، وذلك في شهر رجب سنة ثلاث وتسعين، وقد كان لذريق ملك الأندلس، قد غزا عدوا يقال له البشكنس، واستخلف ملكا من ملوكهم يقال له تدمير. فلما بلغ تدمير مكان طارق، ومن معه من المسلمين. كتب إلى لذريق: إنه قد وقع بأرضنا قوم لا ندري أمن السماء نزلوا أم من الأرض نبعوا. فلما بلغ لذريق ذلك أقبل راجعا إلى طارق في سبعين ألف عنان، ومعه العجل تحمل