ابن معاوية: أردد إلي سلاحي، فأبى عليه مروان، فألح عليه، وكان مروان فاحشا سبابا، وقال له يا ابن الربوخ (1)، يا أهل الشام، إن أم هذا ربوخ، يا ابن الرطبة، قال: فجاء ابنها إليها قال: هذا ما صنعت بي، سبني مروان على رؤوس أهل الشام وقال. هذا ابن الربوخ. قال:
وكان مروان استخلف حين خرج إلى مصر ابنه عبد الملك وعبد العزيز أنهما يكونان بعده، وبايع لهما أهل الشام، فلبث مروان بعد ذلك ليالي، بعدما قال لخالد بن يزيد ما قال، ثم جاء إلى أم خالد فرقد عندها، فأمرت جواريها فطوين عليه الشوادك (2)، ثم غطته حتى قتلته، ثم خرجن يصحن ويشققن جيوبهن، يا أمير المؤمنين. قال: فقام عبد الملك، فبايع لنفسه، ووعد عمرو بن سعيد أن يستخلفه، فبايعه وأقاموا بالشام.
بيعة عبد الملك بن مروان وولايته قال: وذكروا أن عبد الملك بن مروان بايع لنفسه بالشام، ووعد الناس خيرا، ودعاهم إلى إحياء الكتاب والسنة، وإقامة العدل والحق، وكان معروفا بالصدق، مشهورا بالفضل والعلم، لا يختلف في دينه، ولا بنازع في ورعه، فقبلوا ذلك منه، ولم يختلف عليه من قريش أحد، ولا من أهل الشام. فلما تمت بيعته خالفه عمرو بن سعيد الأشدق، فوعده عبد الملك أن يستخلفه بعده، فبايعه على ذلك، وشرط عليه أن لا يقطع شيئا دونه، ولا ينفذ أمرا إلا بمحضره، فأعطاه ذلك. ثم إن عبد الملك بعث حبيش بن دلجة القيسي إلى المدينة، في سبعة آلاف رجل، فدخل المدينة، وجلس على المنبر الشريف، فدعا بخبز ولحم، فأكل على المنبر، ثم أتى بماء فتوضأ على المنبر.
قال أبو معشر: فحدثني رجل من أهل المدينة يقال له أبو سلمة، قال: شهدت حبيش ابن دلجة يومئذ، وقد أرسل إلى جابر بن عبد الله الأنصاري، فدعاه فقال: تبايع لعبد الملك أمير المؤمنين بالخلافة، عليك بذلك عهد الله وميثاقه وأعظم ما أخذ الله على أحد من خلقه بالوفاء، فإن خالفت فأهرق الله دمك على الضلالة. فقال له جابر بن عبد الله: إنك أطوق لذلك مني، ولكني أبايعه على ما بايعت عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية، على السمع والطاعة. قال: ثم أرسل إلى عبد الله بن عمر، فقال له: تبايع لعبد الله عبد الملك