المؤمنين ليس بأنجب منك؟ فقال موسى: شأن أمير المؤمنين شأن ليس فوقه شأن، وكل شأن وإن عظم دونه، لأنه به ومنه، وعلى يديه وأمره.
قالوا: وحدثنا عبد الله بن شريح، قال: بلغني أن موسى لما نزل الحيرة عند قدومه من المغرب أتاه رجل من بني أمية، فقال له: يا موسى، أنت ملك المغرب، وأعلم الناس تخرج إلى الوليد، وتعلم من سليمان؟ فقال له موسى: يا بن أخي، حسبك من قريش، ثم من بني أمية ما تعلم، ألا ترى يا بن أخي أن الصبي يأخذ العظم فيعقفه (1) بحبل، ثم ينصبه ويهيئ طريقا، ويضع فيه حبة بر أو ذرة، فينصب للهدهد العالم بما تحت الأرض، فيستنفر (2)، ثم تدفعه المقادير إلى الوقوع فيه، فاحذر يا بن أخي أن تراك الشام أو تراها. فخرج موسى إلى الوليد بدمشق، فمات الوليد، واستخلف سليمان أخاه، فلقى منه موسى ما ذكرنا، وخرج القرشي إلى الشام، فضربت عنقه.
ذكر قدوم موسى على الوليد قال: وذكروا أن موسى لما قدم على الوليد، وذلك يوم الجمعة، في حين جلوس الوليد ابن عبد الملك على المنبر، وكان موسى قال لبعض من وفد معه، بأن يلبس كل رجل من الأسرى تاجا، وثياب ملك ذلك التاج، ثم يدخلوا معه المسجد. قال: فألبس ثلاثين رجلا ثلاثين تاجا، وهيأهم هيئة الملوك، وأمر بأبناء ملوك البربر فهيئوا وأمر بأبناء ملوك الجزائر والروم فهيئوا كذلك، ولبسوا التيجان، وأمر بأبناء ملوك الأشبان (3)، فهيئوا بمثل ذلك وأمر بالأموال والجوهر واللؤلؤ والياقوت والزبرجد والجزع والوطاء (4) والكساء المنسوج بالذهب والفضة، المحرش (5) باللؤلؤ والياقوت والزبرجد، فوقف الجميع بباب الوليد، وأبناء ملوك أفرنجة وأقبل موسى بالذين ألبسهم التيجان، حتى دخل مسجد دمشق، والوليد على المنبر، يحمد الله وهو موهون (6)، قد أثرت فيه العلة، وأنهكه المرض وإنما كان متحملا