مسلمة إلى أرض الروم، ووجه معه خمس مئة وثلاثين ألف رجل، وخمس مئة رجل ممن قد ضمه الديوان واكتتب في العطاء وتقلب في الأرزاق، ثم دعا سليمان بموسى، بعد أن رضي عنه على يد عمر بن عبد العزيز فقال سليمان له: أشر علي يا موسى، فلم تزل مبارك الغزوة في سبيل الله، بعيد الأثر، طويل الجهاد. فقال له موسى: أرى يا أمير المؤمنين أن توجهه بمن معه، فلا يمر بحصن إلا صير عليه عشرة آلاف رجل حتى يفرق نصف جيشه، ثم يمضي بالباقي من جيشه، حتى يأتي القسطنطينية، فإنه يظفر بما يريد يا أمير المؤمنين. قال:
فدعا سليمان مسلمة فأمره بذلك من مشورة موسى وأوعز إليه فلما علم مسلمة بالمشورة فكأنه كره ذلك، وكان في مسلمة بعض الإباية، ثم رجع إلى قول موسى فيما صنع بأرض الروم، حين ظفر ببطريق ليس فوقه إلا ملك الروم: فقال البطريق لمسلمة: آمني على نفسي وأهلي ومالي وولدي، وأنا آتيك بالملك، فأمنه، ومضى البطريق إلى الملك الأعظم، فأعلمه بما فعل مسلمة، وما ظفر به منه، ومن حصون الروم، فلما رأى ذلك ملك الروم، أعظم ذلك وسقط في يديه. فقال البطريق له عند ذلك: ما لي عليك إن صرفت مسلمة عنك وجميع من معه؟ فقال الملك: أجعل تاجي على رأسك، وأقعدك مكاني. فقال البطريق: أنا أكفيك ذلك. فرجع البطريق إلى مسلمة، فقال: أخرني ثلاثا حتى آتيك بالملك، فبعث البطريق إلى جميع الحصون، فأمرهم بالتقلع إلى الجبال، وحمل ما قدروا عليه من الطعام، وأمر بإحراق الزرع، وغير ذلك مما يؤكل وينتفع به، مما كان خلفه مسلمة وجنده، وما بين المسلمين وملك الروم، فلما فعلوا ما أمروا به، وعلم البطريق أنه أحكم أمره، بعث إلى مسلمة فقال له لو كنت امرأة لفعلت بك كما يفعل الرجل بامرأته. قال: فتغيظ مسلمة وآلى ألا يبرح حتى يظفر بملك الروم.
سؤال سليمان موسى عن المغرب قال: وذكروا أن محمد بن سليمان، أخبرهم أن سليمان بن عبد الملك قال لموسى: من خلفت على الأندلس؟ قال له: عبد العزيز بن موسى. قال: ومن خلفت على أفريقية وطنجة والسوس؟
قال: عبد الله ابني. فقال له سليمان: لقد أنجبت يا موسى، فقال موسى: ومن أنجب مني يا أمير المؤمنين، إن ابني مروان أتى بملك الأندلس، وابني عبد الله أتى بملك ميورقة وصقلية وسردانية، وإن ابني مروان أتى بملك السوس الأقصى فهم متفرقون في الأمصار، وغيرهم يغيرون فيأتون من السبي بما لا يحصى، فمن أنجب مني يا أمير المؤمنين؟ قال: فغضب سليمان، فقال ولا أمير