الامامة والسياسة - ابن قتيبة الدينوري ، تحقيق الزيني - ج ٢ - الصفحة ١٣٦
ثم وضع في ناحية، ثم قيل: إن عيسى بن موسى بالباب، فقال: أدخلوه. فلما دخل قال:
يا أمير المؤمنين، فأين أبو مسلم؟ قال: كان ها هنا آنفا فخرج. فقال عيسى: يا أمير المؤمنين قد عرفت طاعته ومناصحته، ورأى إبراهيم الإمام فيه. قال له أبو جعفر: يا أنوك (1) والله ما أعرف عدوا أعدى لك منه: ها هو ذا في البساط. فقال عيسى إنا لله وإنا إليه راجعون، فأقبل إسحاق صاحب شرطته قال: إنما كان أبو مسلم عبد أمير المؤمنين وأمير المؤمنين أعلم بما صنع.
فأمر أبو جعفر برأسه، فطرح إلى من بالباب من قواد أبي مسلم، فجالوا جولة، وهموا أن يبسطوا سيوفهم على الناس، ثم ردهم عن ذلك انقطاعهم من بلادهم وتغربهم وإحاطة العدو بهم، فبعضهم اتكأ على سيفه فمات، وبعضهم ناصب وأراد القتال. فلما نظر أبو جعفر إلى ذلك، أمر بالعطاء لأصحاب أبي مسلم، وأجزل الصلات للقواد والرؤساء منهم، ثم عهد إليهم أن من أحب منكم أن يكون معنا ها هنا، نأمر بإلحاقه في الديوان، في ألف من العطاء، ومن أحب أن يلحق بخراسان كتبناه في خمس مئة ترد عليه في كل عام وهو قاعد في بيته.
قال: فكأنها نار طفئت. فقالوا: رضينا يا أمير المؤمنين كل ما فعلت، فأنت الموفق. فمنهم من رضى بالمقام معه، ومنهم من لحق بخراسان.
ثورة عيسى بن زيد بن علي بن الحسين قال: وذكروا أن أبا جعفر لما قتل أبا مسلم، واستولى على ملك العراقين (2) والشام، والحجاز، وخراسان، ومصر، واليمن، ثار عليه عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب، فقاتله فيما بين الكوفة وبغداد، ولقيه في جموع كثيرة، نحوا من عشرين ومئة ألف، فأقام أياما يقاتله في كل يوم، حتى هم أبو جعفر بالهزيمة، وركب فرسه ليهرب، ثم جعل يشجع أصحابه، ويعدهم بالعطايا الواسعة، والصلات الجزيلة، فقاتلوا، ثم إن أبا جعفر غلبته عيناه وهو على فرسه، فرأى في نومه أنه يمد يديه ورجليه على الأرض. فاستيقظ ودعا عبارا كان معه، فأخبره بما رأى. فقال له: أبشر يا أمير المؤمنين فإن سلطانك ثابت، وسيليه بعدك جماعة من ولدك، وهذا الرجل منهزم، فما كان بأسرع من أن نظر إلى عيسى ابن زيد منهزما.

(1) الأنوك: الأحمق.
(2) العراقين تثنية عراق: وهما عراقان أحدهما من عبادان إلى الموصل، والثاني من القادسية إلى حلوان ويطلق العراقان على البصرة والكوفة.
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر اختلاف الرواة في وقعة الحرة وخبر يزيد 3
2 ولاية الوليد المدينة وخروج الحسين بن علي 4
3 قتال عمرو بن سعيد الحسين وقتله 5
4 قدوم من أسر من آل علي على يزيد 6
5 إخراج بني أمية عن المدينة، وذكر قتال أهل الحرة 7
6 حرب ابن الزبير رضي الله عنهما 9
7 خلاف معاوية بن يزيد 10
8 غلبة ابن الزبير رضي الله عنهما وظهوره 11
9 حريق الكعبة - اختلاف أهل الشام على ابن الزبير 12
10 بيعة أهل الشام مروان بن الحكم - موت مروان بن الحكم 13
11 بيعة عبد الملك بن مروان وولايته 14
12 غلبة ابن الزبير على العراقيين وبيعتهم 15
13 بيعة أهل الكوفة لابن الزبير وخروج ابن زياد عنهما 16
14 قتال المختار عمرو بن سعد 19
15 قتل مصعب بن الزبير المختار بن أبي عبيد الله - خلع ابن الزبير 20
16 قتل عبد الملك عمرو بن سعيد 21
17 مسير عبد الملك إلى العراق 22
18 قتل مصعب بن الزبير - ذكر حرب ابن الزبير وقتله 23
19 ولاية الحجاج على العراقيين 25
20 خروج ابن الأشعث على الحجاج 26
21 حرب الحجاج مع ابن الأشعث وقتله 29
22 أسر عامر بن سعيد الشعبي 39
23 انهزام ابن الأشعث وقيام عبد الرحمن بن عياش 41
24 ذكر قتل سعيد بن جبير 42
25 ذكر بيعة الوليد وسليمان بن عبد الملك 44
26 موت عبد الملك وبيعة الوليد 46
27 تولية موسى بن نصير البصرة 48
28 دخول موسى بن نصير على عبد الملك بن مروان - تولية موسى بن نصير على إفريقية 49
29 خطبة موسى بن نصير رحمه الله - دخول موسى بن نصير إفريقية 50
30 خطبة موسى بإفريقية 51
31 فتح زعوان - قدوم كتاب الفتح على عبد العزيز بن مروان - إنكار عبد الملك تولية موسى بن نصير 52
32 جوابه - كتاب عبد العزيز بالفتح إلى عبد الملك - جوابه 53
33 فتح هوارة وزناته وكتامة - فتح صنهاجة 54
34 فتح سجوما 55
35 قدوم الفتح على عبد الملك بن مروان 56
36 غزوة موسى في البحر 57
37 غزوة السوس الأقصى 58
38 قدوم الفتوحات على الوليد بن عبد الملك - فتح قلعة أرساف 59
39 فتح الأندلس 60
40 اتهام الوليد موسى بالخلع - دخول وفد موسى على الوليد بن عبد الملك 62
41 ذكر ما وجد موسى في البيت الذي وجد فيه المائدة مع صور العرب - ذكر ما أفاء الله عليهم 63
42 غزوة موسى بن نصير البشكنس والإفرنج 64
43 خروج موسى بن نصير من الأندلس - قدوم موسى إفريقية 66
44 قدوم موسى إلى مصر - قدوم موسى على الوليد رحمهما الله 68
45 خلافة سليمان بن عبد الملك وما صنع بموسى بن نصير 69
46 عدة موالي موسى بن نصير 70
47 ذكر ما رآه موسى بالمغرب من العجائب 71
48 تولية سليمان بن عبد الملك أخاه مسلمة وما أشار به موسى عليه 72
49 سؤال سليمان موسى عن المغرب 73
50 ذكر قدوم موسى على الوليد 74
51 ذكر اختلاف الناقلين في صنع سليمان بموسى 77
52 نسخة القضية 77
53 ذكر يد موسى إلى المهلب 78
54 ذكر قتل عبد العزيز بن موسى بالأندلس 79
55 قدوم رأس عبد العزيز بن موسى عن أخباره وأفعاله 83
56 ذكر ولاة الأندلس بعد موسى بن نصير - ذكر حج سليمان مع عمر بن عبد العزيز 86
57 ما قال طاووس اليماني لسليمان بمكة 87
58 ذكر وفاة سليمان واستخلافه عمر بن عبد العزيز 92
59 أيام عمر بن عبد العزيز 96
60 ذكر قدوم جرير بن الخطفى على عمر بن عبد العزيز 97
61 وفاة الرشيد والمأمون خارج العراق - اتصال أشرار العراق بالأمين وإيغار صدره على أخيه الأمين 174
62 دخول المأمون قصر الخلافة وحبسه أخاه الأمين - هروب الأمين من السجن وقتله - تمام الكتاب 175