اختلاف أبي مسلم على أبي العباس قال: وذكروا لنا أن أبا مسلم كتب إلى أبي العباس يستأذنه في القدوم عليه فقدم عليه، فتلقاه الناس جميعا، ومعه القواد والجماعة، والخيل والنجائب، ثم استأذن أبا العباس في الحج، فقال: لولا أن أبا جعفر يحج لاستعملتك على الموسم. واستعمل أبا جعفر على الموسم، فقال أبو جعفر لأبي العباس: أطعني واقتل أبا مسلم، فوالله إن في رأسه لغدرة. فقال له: أي أخي، قد عرفت بلاءه. وما كان منه. فقال أبو جعفر: هو أخطأ بذلك، والله لو بعثت سنورا مكانه لبلغ ما بلغ في ميل الدولة. قال أبو العباس: كيف تقتله؟ قال: إذا دخل عليك فحادثه، فإذا أقبل عليك دخلت فأتيت من خلفه، فضربته ضربة آتى منها على نفسه.
فقال أبو العباس: أي أخي، فكيف تصنع بأصحابه الذين يؤثرونه على أنفسهم ودينهم؟
قال: يؤول ذلك إلى خير، وإلى ما تريد. قال: يا أخي، إني أريد أن تكف عن هذا.
فقال أبو جعفر: أخاف إن لم تتغده (1) يتعشاك. فقال أبو العباس: فدونكه يا أخي. قال:
وكان مع أبي مسلم من أهل خراسان عشرة آلاف، قد قدم بهم، يأخذون العطاء عند غرة كل شهر، أوفر ما يكون من الأرزاق سوى الأعاجم. فلما دخل أبو مسلم على أبي العباس، دعا أبو العباس خصيا له. فقال: إذهب فاعرف ما يصنع أبو جعفر، فأتاه فوجده محتفيا بسيفه. فقال أبو جعفر: أجالس أمير المؤمنين، فقال الوصيف: قد تهيأ للجلوس، ثم رجع الوصيف فذكر ذلك لأبي العباس، فرده أيضا إلى أبي جعفر، وقال:
قل له: عزمت عليك أن لا تنفذ الأمر الذي عزمت عليه، فكف عن ذلك. فسار إلى مكة حاجا وللموسم. وخرج أبو مسلم، فكان إذا كتب إلى أبي جعفر يبدأ بنفسه، ثم يكتب إليه: لا يهولنك ما في صدر الكتاب، فإني لك بحيث تحب، ولكني أحب أن يعلم أهل خراسان أن لي منزلة عند أمير المؤمنين.
كتاب أبي مسلم إلى أبي جعفر وقد هم أن يخلع ويخالف قال: وذكروا أن أبا مسلم لما رجع من عند أبي العباس، وقد قيل له بالعراق إن القوم أرادوك، لولا توقعوا ممن معك من أهل خراسان، فلما كان في بعض الطريق كتب إلى أبي جعفر: أما بعد، فإني كنت اتخذت أخاك إماما ودليلا على ما افترض الله على خلقه، وكان في محله من العلم، وقرابته من رسول الله صلى الله عليه وآله بحيث كان، فقمعني