عبد الله، وتوثب على أبي جعفر، ودعا أهل خراسان فألحقهم باليمن، وجعل لهم الجعائل (1) الجليلة، والعطايا الجزيلة، فلما قدم أبو جعفر، سلم الأمر لعيسى بن موسى، وتوثب عبد الله ابن علي على أهل خراسان بالشام، فقتلهم ودعا إلى نفسه، وأتاه أبو غانم عبد الحميد بن ربعي.
فقال: إن أردت أن يصفو لك الأمر فاقتل أهل خراسان، وابدأ بي. فلما قدم أبو جعفر من مكة قال لأبي مسلم: إنما هو أنا وأنت، والأمر أمرك، فامض إلى عبد الله بن علي وأهل الشام.
فلما سار إليه أبو مسلم، سار معه القواد وغيرهم، فلقى عبد الله بن علي وأهل الشام فهزمهم، وأسر عبد الله بن علي، وبعث به إلى أبي جعفر، فاستنكر أبو جعفر قعود أبي مسلم عنه، فبعث إليه يقطين بن موسى ورجلا معه على القبض (2). فقال أبو مسلم:
لا يوثق بي بهذا ونحوه فوثب وشتم، وقال قولا قبيحا. فقال له يقطين بن موسى:
جعلت فداك، لا تدخل الغم على نفسك، إن أحببت رجعت إلى أمير المؤمنين، فإنه إن علم أن هذا يشق عليك لم يدخل عليك مركوها. ثم قدم أبو جعفر من الأنبار حتى قدم المدائن، وخرج أبو مسلم فأخذ طريق خراسان مخالفا لأبي جعفر. فكتب إليه أبو جعفر: قد أردت مذاكرتك في أشياء لم تحملها الكتب، فأقبل فإن مقامك عندنا قليل. فلم يلتفت أبو مسلم إلى كتابه. فبعث إليه أبو جعفر: جرير ابن يزيد بن جرير بن عبد الله البجلي، وكان أبو مسلم يعرفه. فقال له: أيها الأمير، ضربت الناس عن عرض لأهل هذا البيت، ثم تنصرف على مثل هذه الحال، إن الأمر عند أمير المؤمنين لم يبلغ ما تكره، ولا أرى أن تنصرف على هذه الحال، فيقول أبو مسلم: ويحك إني دليت بغرور (3)، وأخاف عدوه (4).
قتل أبي مسلم قال: وذكروا أن جريرا لم يزل بأبي مسلم حتى أقبل به، وكان أبو مسلم يقول: والله لأقتلن في الروم، فأقبل منصرفا، فلما قدم على أبي جعفر وهو يومئذ بالرومية من المدائن، أمر الناس يتلقونه، وأذن له فدخل على دابته، ورحب به وعانقه، وأجلسه معه على السرير،