ويحكم! نحوا عني هذا الصبي لا يرى مصرعي. قال: فضرب حتى مات ساجدا، ثم أخذوا رؤوسهم فأتوا بها أبا جعفر، ونادى المنادي بواسط: أمن الأمير خلق الله جميعا إلا الحكم بن بشر، وعمرو بن ذر. قال: فضاقت علي والله الأرض بما رحبت حتى خرجت، على دابتي ما لي هجير (1) إلا آية الكرسي أتلوها، والله ما عرض لي أحد حتى تواريت، فلم أزل خائفا حتى استأمن لي زياد بن عبد الله ابن العباس فأمنه، وهرب الحكم بن عبد الله بن بشر إلى عسكره، وضاقت بخالد بن مسلمة الأرض حتى أتى أبا جعفر، فاستأذن عليه فأمنه. وبلغ ذلك أبا العباس. فكتب إلى أبي جعفر: والله لو كانت له ألف نفس لأتيت عليها، اضرب عنقه، فهرب أبو علافة الفزاري، وهشام بن هبيرة، وصفوان بن يزيد، فلحقهم سعد بن شعيب فقتلهم، وقبض على أصحاب ابن هبيرة، فقتل من وجوههم نحوا من خمسين، ثم أمن الناس جميعا، ونادى منادي أبي جعفر: من أراد أن يقيم فليقم بالجابية (2)، ومن أحب أن يشخص فليشخص، وهرب القعقاع بن ضرار وحميد وعدة، حتى أتوا زياد بن عبد الله، فاستأمن لهم، فأمنوا جميعا، وقوى ملك بني العباس، واستقرت قواعده. فلما قتل ابن هبيرة، ونودي في أهل الشام: ألحقوا شامكم، فلا حاجة لنا بكم، فسار أهل الشام حتى قدموا الكوفة، منهم من قدم، ومنهم من أخذ على عين التمر (3)، ومنهم من أخذ على طريق المدائن (4)، ثم لحقوا بالشام على طريق الفرات. واستعمل أبو جعفر على واسط ومن فيها الهيثم بن زياد، وخلف معه خيلا، ثم انصرف أبو جعفر إلى أبي العباس، وهو يومئذ بالحيرة (5)، ثم وجه داود بن علي إلى الحجاز، فقتل من ظفر به من بني أمية وغيرهم، فتوجه إلى المثنى بن زياد بن عمر بن هبيرة باليمامة، فقتله وأصحابه، ثم تبعهم محمد بن عمارة، وكان على الطائف فقتلهم، وتحول أبو العباس من الحيرة إلى الأنبار (6)، فأمر أبو العباس برأس ابن هبيرة فوضع بالحيرة على خشبة، ومعه غيره من عمال مروان، وبها رفع رأس مروان بن محمد، وعن يمينه رأس ثعلبة بن سلامة، ورأس عثمان بن أبي شعيب عن يساره، وانقطعت شيعة بني أمية، وطلبوا تحت كل حجر ومدر.
(١٣١)