الامامة والسياسة - ابن قتيبة الدينوري ، تحقيق الزيني - ج ٢ - الصفحة ١٣٧
هروب مالك بن الهيثم وذكروا أن مالك بن الهيثم خرج هاربا حتى أتى همدان، وعليها يومئذ زهير بن التركي مولى خزاعة، فكتب إليه أبو جعفر: إن الله مهرق دمك إن فاتك مالك، فجاء زهير بن التركي إلى مالك بن الهيثم، فقال له: جعلت فداك، قد أعددت لك طعاما، فلو أكرمتني بدخولك منزلي. فقال له: نعم، وكان قد هيا له زهير أربعين رجلا، فلما دخل مالك قال لزهير:
عجل طعامك، وقد توثق زهير من الباب، وهيأ أصحابه، فخرج عليه الأربعون، فشدوه وثاقا، ثم وضعوا القيود في رجله، ثم قال: أبا نصر، جعلت فداك، والله ما عرفت هذه الدعوة حتى أدخلتني فيها ودعوتني إليها، فما الذي يخرجك منها، والله ما أخليك حتى تزور أبا جعفر، فبعث به إليه، فعفا عنه أبو جعفر، وولاه الموصل.
قال الهيثم: وكان يقال: إن عبد الملك بن مروان كان أحزم بني أمية، وإن أبا جعفر كان أحزم بني العباس، وأشدهم بأسا، وأقواهم قلبا، ألا ترى أن عبد الملك قتل عمرو بن سعيد في داخل قصره، وأبوابه مغلقة، وأبو جعفر قتل أبا مسلم في داخل سرادقه، وليس بينه وبين أهل خراسان إلا خرقة؟ وقال الهيثم: ذكر ابن عياش أن أبا جعفر قال لحاجبه عيسى بن روضة تقدم إلى كل من دخل أن لا يذكر أبا مسلم في شئ من كلامه. قال ابن عياش فاغتممت لذلك، فوقفت له خلف ستر، ومر راكبا مع هشام بن عمرو وعبد الله، فلما طلع عمر بن عبد الرحمن صاحب شرطته وبيده الحربة ركبت. قال أبو الجراح مالك؟ فقلت: أسلم على أمير المؤمنين.
قال: دونك فدنوت والنهر بيني وبينه. فقلت: يا أمير المؤمنين هنيئا لك وقفة أقعدت كل قائم.
فقال بيده (1) على فيه ولم يلتفت كالكاره لما سمع، وأقبل على صاحبيه. قال ابن عياش: وكان هذا في سنة خمس وأربعين ومئة، ثم انصرف أبو جعفر إلى الحيرة، ومعه عمه عبد الله بن علي في غير وثاق، وعليه الأحراس، وقد هيأ له أبو جعفر بيتا، فحبسه فيه، فلما قدم به قيل:
إنه سمه. قال الهيثم: بل كان أساس البيت الذي حبسه فيه من لبن، والحيرة كثيرة السواقي، ندية الأرض. فيقال: إنه أمر من الليل بجدول، فسرح حول البيت فتهدم عليه فمات. قال ابن عياش: أقبل رجل من همدان إلى أبي جعفر في وفد من العرب فدخلوا عليه، فلما خرجوا وفاتوا بصره، قال للآذن: علي بالهمداني، فلما مثل بين يديه قال له: يا أخا همدان، أخبرني عن خليفة اسمه على عين (2) قتل ثلاثة، أسماؤهم على عين. فقال الهمداني: نعم يا أمير المؤمنين

(1) قال بيده: أشار بيده على فمه، أي وضع يده على فمه.
(2) أي أول اسمه عين.
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر اختلاف الرواة في وقعة الحرة وخبر يزيد 3
2 ولاية الوليد المدينة وخروج الحسين بن علي 4
3 قتال عمرو بن سعيد الحسين وقتله 5
4 قدوم من أسر من آل علي على يزيد 6
5 إخراج بني أمية عن المدينة، وذكر قتال أهل الحرة 7
6 حرب ابن الزبير رضي الله عنهما 9
7 خلاف معاوية بن يزيد 10
8 غلبة ابن الزبير رضي الله عنهما وظهوره 11
9 حريق الكعبة - اختلاف أهل الشام على ابن الزبير 12
10 بيعة أهل الشام مروان بن الحكم - موت مروان بن الحكم 13
11 بيعة عبد الملك بن مروان وولايته 14
12 غلبة ابن الزبير على العراقيين وبيعتهم 15
13 بيعة أهل الكوفة لابن الزبير وخروج ابن زياد عنهما 16
14 قتال المختار عمرو بن سعد 19
15 قتل مصعب بن الزبير المختار بن أبي عبيد الله - خلع ابن الزبير 20
16 قتل عبد الملك عمرو بن سعيد 21
17 مسير عبد الملك إلى العراق 22
18 قتل مصعب بن الزبير - ذكر حرب ابن الزبير وقتله 23
19 ولاية الحجاج على العراقيين 25
20 خروج ابن الأشعث على الحجاج 26
21 حرب الحجاج مع ابن الأشعث وقتله 29
22 أسر عامر بن سعيد الشعبي 39
23 انهزام ابن الأشعث وقيام عبد الرحمن بن عياش 41
24 ذكر قتل سعيد بن جبير 42
25 ذكر بيعة الوليد وسليمان بن عبد الملك 44
26 موت عبد الملك وبيعة الوليد 46
27 تولية موسى بن نصير البصرة 48
28 دخول موسى بن نصير على عبد الملك بن مروان - تولية موسى بن نصير على إفريقية 49
29 خطبة موسى بن نصير رحمه الله - دخول موسى بن نصير إفريقية 50
30 خطبة موسى بإفريقية 51
31 فتح زعوان - قدوم كتاب الفتح على عبد العزيز بن مروان - إنكار عبد الملك تولية موسى بن نصير 52
32 جوابه - كتاب عبد العزيز بالفتح إلى عبد الملك - جوابه 53
33 فتح هوارة وزناته وكتامة - فتح صنهاجة 54
34 فتح سجوما 55
35 قدوم الفتح على عبد الملك بن مروان 56
36 غزوة موسى في البحر 57
37 غزوة السوس الأقصى 58
38 قدوم الفتوحات على الوليد بن عبد الملك - فتح قلعة أرساف 59
39 فتح الأندلس 60
40 اتهام الوليد موسى بالخلع - دخول وفد موسى على الوليد بن عبد الملك 62
41 ذكر ما وجد موسى في البيت الذي وجد فيه المائدة مع صور العرب - ذكر ما أفاء الله عليهم 63
42 غزوة موسى بن نصير البشكنس والإفرنج 64
43 خروج موسى بن نصير من الأندلس - قدوم موسى إفريقية 66
44 قدوم موسى إلى مصر - قدوم موسى على الوليد رحمهما الله 68
45 خلافة سليمان بن عبد الملك وما صنع بموسى بن نصير 69
46 عدة موالي موسى بن نصير 70
47 ذكر ما رآه موسى بالمغرب من العجائب 71
48 تولية سليمان بن عبد الملك أخاه مسلمة وما أشار به موسى عليه 72
49 سؤال سليمان موسى عن المغرب 73
50 ذكر قدوم موسى على الوليد 74
51 ذكر اختلاف الناقلين في صنع سليمان بموسى 77
52 نسخة القضية 77
53 ذكر يد موسى إلى المهلب 78
54 ذكر قتل عبد العزيز بن موسى بالأندلس 79
55 قدوم رأس عبد العزيز بن موسى عن أخباره وأفعاله 83
56 ذكر ولاة الأندلس بعد موسى بن نصير - ذكر حج سليمان مع عمر بن عبد العزيز 86
57 ما قال طاووس اليماني لسليمان بمكة 87
58 ذكر وفاة سليمان واستخلافه عمر بن عبد العزيز 92
59 أيام عمر بن عبد العزيز 96
60 ذكر قدوم جرير بن الخطفى على عمر بن عبد العزيز 97
61 وفاة الرشيد والمأمون خارج العراق - اتصال أشرار العراق بالأمين وإيغار صدره على أخيه الأمين 174
62 دخول المأمون قصر الخلافة وحبسه أخاه الأمين - هروب الأمين من السجن وقتله - تمام الكتاب 175