الامامة والسياسة - ابن قتيبة الدينوري ، تحقيق الزيني - ج ٢ - الصفحة ١٣٣
بالفتنة، واستجهلني بالقرآن، فحرفه عن مواضعه، طمعا في قليل قد نعاه الله إلى خلقه، فمثل لي الضلالة في صورة الهدى، فكان كالذي دلى بغرور، حتى وترت (1) أهل الدين والدنيا في دينهم، واستحللت بما كان من ذلك من الله النقمة، وركبت المعصية في طاعتكم، وتوطئة سلطانكم، حتى عرفكم من كان يجهلكم، وأوطأت غيركم العشواء (2) بالظلم والعدوان، حتى بلغت في مشيئة الله ما أحب. ثم إن الله بمنه وكرمه أتاح لي الحسنة، وتداركني بالرحمة، واستنقذني بالتوبة، فإن يغفر فقديما عرف بذلك، وإن يعاقب فبما قدمت يداي، وما الله بظلام للعبيد.
فكتب إليه أبو جعفر: يا عم، أروم ما رمت، وأزول حيث زلت، ليس لي دونك مرمى، ولا عنك مقصر (3)، الرأي ما رأيت، إن كنت أنكرت من سيرته شيئا، فأنت الموفق للصواب، والعالم بالرشاد، أنا من لا يعرف غير يدك، ولم يتقلب إلا في فضلك، فأنا غير كافر بنعمتك، ولا منكر لإحسانك لا تحمل علي إصر غيري، ولا تلحق ما جناه سواي بي، إن أمرتني أشخص إليك، وألحق بخراسان فعلت. الأمر أمرك. والسلطان سلطانك، والسلام.
موت أبي العباس واستخلاف أبي جعفر قال: وذكروا أن أبا جعفر لما انقضى الموسم، وانصرف راجعا: جاءه موت أبي العباس وكان بينه وبين أبي مسلم مرحلة. فكتب إلى أبي مسلم: إنه قد حدث حدث ليس مثلك غائب عنه، فالعجل العجل. قال إسحاق بن مسلم: فقلت لأبي جعفر وأنا أسايره، ونحن مقبلون من مكة: أيها الرجل، لا ملك لك، ولا سلطان مع هذا العبد. فقال أبو جعفر: ظهر غشك، وبدا منك ما كنت تكتم، بأبي مسلم يفعل هذا؟ قلت: نعم، فإني أخاف عليك منه يوم سوء فقال: كذبت. قال إسحاق: فسكت ثم لقيته بعد ذلك من الغد، ولا والله ما عرفتها فيه، وعاودني بمثل كلامه الأول، فقلت له: أكثر أو أقل، إن لم تقتله والله يقتلك. قال: فهل شاورت في هذا أحدا؟ قلت: لا، قال: اسكت، فسكت. فقدم الكوفة، فإذا عيسى بن موسى قد سبقه إلى الأنبار، وغلب على المدينة والخزائن، وبيوت الأموال والدواوين، وخلع

(1) وترت أهل الدين والدنيا: أصبت منهم شيئا يطلبونني بثأره.
(2) أوطأت غيركم العشواء: الظلمة: أي جعلت غيركم في ظلام وهم لا يدرى المخرج منه.
(3) المقصر: القصور: أي لا أستطيع أن أبتعد عنك ولا أمتنع عليك.
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر اختلاف الرواة في وقعة الحرة وخبر يزيد 3
2 ولاية الوليد المدينة وخروج الحسين بن علي 4
3 قتال عمرو بن سعيد الحسين وقتله 5
4 قدوم من أسر من آل علي على يزيد 6
5 إخراج بني أمية عن المدينة، وذكر قتال أهل الحرة 7
6 حرب ابن الزبير رضي الله عنهما 9
7 خلاف معاوية بن يزيد 10
8 غلبة ابن الزبير رضي الله عنهما وظهوره 11
9 حريق الكعبة - اختلاف أهل الشام على ابن الزبير 12
10 بيعة أهل الشام مروان بن الحكم - موت مروان بن الحكم 13
11 بيعة عبد الملك بن مروان وولايته 14
12 غلبة ابن الزبير على العراقيين وبيعتهم 15
13 بيعة أهل الكوفة لابن الزبير وخروج ابن زياد عنهما 16
14 قتال المختار عمرو بن سعد 19
15 قتل مصعب بن الزبير المختار بن أبي عبيد الله - خلع ابن الزبير 20
16 قتل عبد الملك عمرو بن سعيد 21
17 مسير عبد الملك إلى العراق 22
18 قتل مصعب بن الزبير - ذكر حرب ابن الزبير وقتله 23
19 ولاية الحجاج على العراقيين 25
20 خروج ابن الأشعث على الحجاج 26
21 حرب الحجاج مع ابن الأشعث وقتله 29
22 أسر عامر بن سعيد الشعبي 39
23 انهزام ابن الأشعث وقيام عبد الرحمن بن عياش 41
24 ذكر قتل سعيد بن جبير 42
25 ذكر بيعة الوليد وسليمان بن عبد الملك 44
26 موت عبد الملك وبيعة الوليد 46
27 تولية موسى بن نصير البصرة 48
28 دخول موسى بن نصير على عبد الملك بن مروان - تولية موسى بن نصير على إفريقية 49
29 خطبة موسى بن نصير رحمه الله - دخول موسى بن نصير إفريقية 50
30 خطبة موسى بإفريقية 51
31 فتح زعوان - قدوم كتاب الفتح على عبد العزيز بن مروان - إنكار عبد الملك تولية موسى بن نصير 52
32 جوابه - كتاب عبد العزيز بالفتح إلى عبد الملك - جوابه 53
33 فتح هوارة وزناته وكتامة - فتح صنهاجة 54
34 فتح سجوما 55
35 قدوم الفتح على عبد الملك بن مروان 56
36 غزوة موسى في البحر 57
37 غزوة السوس الأقصى 58
38 قدوم الفتوحات على الوليد بن عبد الملك - فتح قلعة أرساف 59
39 فتح الأندلس 60
40 اتهام الوليد موسى بالخلع - دخول وفد موسى على الوليد بن عبد الملك 62
41 ذكر ما وجد موسى في البيت الذي وجد فيه المائدة مع صور العرب - ذكر ما أفاء الله عليهم 63
42 غزوة موسى بن نصير البشكنس والإفرنج 64
43 خروج موسى بن نصير من الأندلس - قدوم موسى إفريقية 66
44 قدوم موسى إلى مصر - قدوم موسى على الوليد رحمهما الله 68
45 خلافة سليمان بن عبد الملك وما صنع بموسى بن نصير 69
46 عدة موالي موسى بن نصير 70
47 ذكر ما رآه موسى بالمغرب من العجائب 71
48 تولية سليمان بن عبد الملك أخاه مسلمة وما أشار به موسى عليه 72
49 سؤال سليمان موسى عن المغرب 73
50 ذكر قدوم موسى على الوليد 74
51 ذكر اختلاف الناقلين في صنع سليمان بموسى 77
52 نسخة القضية 77
53 ذكر يد موسى إلى المهلب 78
54 ذكر قتل عبد العزيز بن موسى بالأندلس 79
55 قدوم رأس عبد العزيز بن موسى عن أخباره وأفعاله 83
56 ذكر ولاة الأندلس بعد موسى بن نصير - ذكر حج سليمان مع عمر بن عبد العزيز 86
57 ما قال طاووس اليماني لسليمان بمكة 87
58 ذكر وفاة سليمان واستخلافه عمر بن عبد العزيز 92
59 أيام عمر بن عبد العزيز 96
60 ذكر قدوم جرير بن الخطفى على عمر بن عبد العزيز 97
61 وفاة الرشيد والمأمون خارج العراق - اتصال أشرار العراق بالأمين وإيغار صدره على أخيه الأمين 174
62 دخول المأمون قصر الخلافة وحبسه أخاه الأمين - هروب الأمين من السجن وقتله - تمام الكتاب 175