حتى أنزل النسوة.
ودنا القوم فاستقبلهم علي منتضيا سيفه، فأقبلوا عليه وقالوا: ظننت أنك يا غدار ناج بالنسوة، ارجع لا أبا لك. قال: فان لم أفعل؟ قالوا:
لترجعن راغما أو لنرجعن بأكثرك شعرا، وأهون بك من هالك!
ودنا الفوارس من النسوة والمطايا ليثوروها، فحال علي (عليه السلام) بينهم وبينها، فأهوى له جناح بسيفه، فراغ علي (عليه السلام) عن ضربته، وتختله علي (عليه السلام) فضربه على عاتقه فأسرع السيف مضيا فيه حتى مس كاثبة فرسه. فكان علي (عليه السلام) يشد على قدمه كشد الفارس على فرسه، فشد عليهم بسيفه وهو يقول:
خلوا سبيل الجاهد المجاهد * آليت لا أعبد غير الواحد فتصدع القوم عنه وقالوا: احبس نفسك عنا يا بن أبي طالب. قال:
فاني منطلق إلى ابن عمي رسول الله بيثرب، فمن سره أن أفري لحمه واهريق دمه فليتبعني أو فليدن مني. ثم أقبل على صاحبيه: أيمن وأبي واقد فقال لهما: أطلقا مطاياكما.
ثم سار ظاهرا قاهرا حتى نزل ضجنان، فلبث بها قدر يومه وليلته، ولحق به نفر من المستضعفين من المؤمنين وفيهم أم أيمن مولاة رسول الله (صلى الله عليه وآله). وبات هو تلك الليلة ومعه الفواطم: أمه فاطمة بنت أسد - رضي الله عنها - وفاطمة بنت رسول الله، وفاطمة بنت الزبير يصلون ويذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم، ولم يزالوا كذلك حتى طلع الفجر فصلى بهم علي (عليه السلام) صلاة الفجر، ثم سار لوجهه يجوب منزلا بعد منزل لا يفتر عن ذكر الله، وكذلك الفواطم وغيرهن ممن صحبه حتى قدموا المدينة، وقد نزل الوحي قبل قدومهم بما كان من شأنهم (فتلاه عليهم): * (إن في خلق