كانت قريش قد جعلت لمن يأخذ رسول الله لما خرج من الغار متوجها إلى المدينة مائة من الإبل، فخرج سراقة بن مالك بن جعشم فيمن يطلب، فلحق برسول الله، فقال رسول الله: اللهم اكفني شر سراقة بما شئت.
فساخت قوائم فرسه، فثنى رجله وقال: يا محمد، اني علمت أن الذي أصاب قوائم فرسي إنما هو من قبلك، فادع الله أن يطلق لي فرسي، فلعمري ان لم يصبكم مني خير لم يصبكم مني شر. فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأطلق الله عز وجل فرسه، فعاد في طلب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فعل ذلك ثلاث مرات، كل ذلك يدعو رسول الله فتأخذ الأرض قوائم فرسه، فلما أطلقه في الثالثة قال: يا محمد، هذه إبلي بين يديك فيها غلامي، وإن احتجت إلى ظهر أو لبن فخذ منه، وهذا سهم من كنانتي علامة، وأنا أرجع فأرد عنك الطلب. فقال: لا حاجة لي فيما عندك (1).
وذكر الطبرسي الخبر في " إعلام الورى " بلا رواية قال: وتبعه (صلى الله عليه وآله) وهو متوجه إلى المدينة سراقة بن جعشم المدلجي طالبا غرته ليحظى بذلك عند قريش، حتى إذا أمكنته الفرصة في نفسه وأيقن أن قد ظفر ببغيته، ساخت قوائم فرسه، حتى تغيبت بأجمعها في الأرض، وهو بموضع جدب وقاع صفصف. فعلم أن الذي أصابه سماوي فنادى: يا محمد أدع ربك يطلق لي فرسي وذمة الله علي أن لا أدل عليك أحدا. فدعا له، فوثب جواده كأنه أفلت من انشوطة، وكان رجلا داهية فعلم بما رأى أنه سيكون له نبأ فقال: اكتب لي أمانا فكتب له وانصرف (2).