ورواه محمد بن إسحاق عن أم هانئ بنت أبي طالب - رضي الله عنهما - قالت: ان رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم - ليلة أسري به صلى العشاء الآخرة في بيتي ثم نام عندي تلك الليلة في بيتي ونمنا. فلما كان قبيل الفجر أيقظنا رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم -، فلما صلى الصبح وصلينا معه قال: يا أم هانئ لقد صليت معكم العشاء الآخرة كما رأيت بهذا الدار ثم ذهبت إلى بيت المقدس فصليت فيه ثم ها أنا قد صليت معكم الآن صلاة الغداة كما ترين. ثم قام ليخرج، فأخذ بطرف ردائه فقلت له: يا نبي الله لا تحدث بهذا الناس فيكذبوك ويؤذوك! قال: والله لأحدثنهم به.
فقلت لجارية لي حبشية: ويحك اتبعي رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم - حتى تسمعي ما يقول الناس وما يقولون له. فقالت: لما خرج رسول الله إلى الناس أخبرهم فعجبوا وقالوا: ما آية ذلك يا محمد؟
فإنا لم نسمع بمثل هذا قط! قال: آية ذلك: أني مررت وأنا متوجه إلى الشام بعير بني فلان بوادي كذا وكذا فانفرهم حس الدابة فشذ عنهم بعير فدللتهم عليه. ثم أقبلت حتى إذا كنت بوادي ضجنان (على بريد من مكة بوادي تهامة) مررت بعير بني فلان فوجدت القوم نياما، ولهم إناء فيه ماء قد غطوا عليه بشئ، فكشفت غطاءه وشربت ما فيه ثم غطيت عليه كما كان، وآية ذلك أن عيرهم الآن تصوب من البيضاء ثنية " التنعيم " يقدمها جمل أورق (بين الغبرة والسواد) عليه غرارتان: إحداهما سوداء والأخرى بألوان مختلفة.
قالت (أم هانئ عن جاريتها) فابتدر القوم الثنية فلم يلقهم شئ قبل الجمل كما وصف لهم، وسألوهم عن الإناء فأخبروهم أنهم وضعوه