والمستهزئون في هذا الخبر سبعة عشر رجلا فصل مقتل تسعة منهم وأجمل الباقين، وآخر المذكورين بالتفصيل أبو لهب مع التصريح بمقتله بعد بدر، والمومى إليه منهم خمسة فحسب فلعل هذا هو وجه الجمع المعقول بين الخبرين، ولعله هو وجه اختصار الخبر عند الطبرسي.
وإذا استثنينا خبر تفسير القمي بما فيه مما يلازم حدوثه بعد الهجرة إلى الحبشة، فلا يبقى في سائر الأخبار الا عدم وضوح باعث الاستهزاء في حال اختفاء الدعوة، مما لم نجد الجواب المقنع عنه، اللهم الا أن نقول - كما في خبر الصدوق وابن عباس - بأن الصدع بالأمر لم يكن بداية اعلان بل كان عن امتناع وقع للتهديد الأكيد من هؤلاء المستهزئين كما مر، وهو المتعين الراجح.
وقد مر في خبر الراوندي في " الخرائج " والطبرسي في " المجمع " وابن شهرآشوب في " المناقب " عن ابن عباس وابن جبير وتفسير محمد بن ثور: أن الرسول (صلى الله عليه وآله) أتى البيت ومعه جبرئيل عن يمينه والقوم في الطواف. فأي طواف كان هذا لهم جميعا بعد تهديدهم إياه؟
لعلنا نجد جواب هذا فيما رواه ابن هشام عن ابن إسحاق في سيرته:
أن نفرا من قريش اجتمعوا إلى الوليد بن المغيرة - وكان ذا سن فيهم وقد حضر الموسم - فقال لهم: يا معشر قريش! انه قد حضر هذا الموسم. وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا، فأجمعوا فيه رأيا واحدا ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضا، ويرد قولكم بعضه بعضا (1).
لنا من هذا النص التصريح بأن مناسبة عقد هذا المؤتمر بل المؤامرة