فغدا أبو جهل إليه فقال له: يا عم، نكست رؤوسنا وفضحتنا وأشمت بنا عدونا وصبوت إلى دين محمد؟!
فقال: ما صبوت إلى دينه ولكني سمعت منه كلاما صعبا تقشعر منه الجلود! فقال له أبو جهل: أخطب هو؟ قال: لا، ان الخطب كلام متصل، وهذا كلام منثور ولا يشبه بعضه بعضا. قال: أفشعر هو؟ قال: لا، أما اني قد سمعت أشعار العرب بسيطها ومد يدها ورملها ورجزها، وما هو بشعر.
قال: فما هو؟ قال: دعني أفكر فيه!
فلما كان من الغد قالوا: يا أبا عبد شمس، ما تقول فيما قلناه؟ قال:
قولوا: هو سحر فإنه آخذ بقلوب الناس.
فأنزل الله على رسوله في ذلك: * (ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا ثم يطمع أن أزيد كلا انه كان لآياتنا عنيدا سأرهقه صعودا انه فكر وقدر فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر ثم نظر ثم عبس وبسر ثم أدبر واستكبر فقال إن هذا الا سحر يؤثر إن هذا الا قول البشر سأصليه سقر وما أدراك ما سقر...) * (1) وكان من المستهزئين برسول الله (2).
وعلى هذا فقوله سبحانه: * (سأصليه سقر) * و * (سأرهقه صعودا) * كان تصعيدا في تهديده وإنذاره قبل تبشير الرسول بكفاية شره بهلاكه والمستهزئين معه بقوله * (إنا كفيناك المستهزئين) * وهذا أيضا مما يلازم كون الصدع بأمره قبل هذا بغير قليل، حتى تكون وفود العرب في الموسم - كما