ساعة فقال له: يا محمد، السلام يقرئك السلام وهو يقول: * (فاصدع بما تؤمر) * أظهر أمرك لأهل مكة وادع، * (وأعرض عن المشركين) * قال:
يا جبرئيل كيف أصنع بالمستهزئين وما أوعدوني؟ قال له: * (إنا كفيناك المستهزئين) * قال: يا جبرئيل كانوا عندي الساعة بين يدي؟ فقال: قد كفيتهم. فأظهر أمره عند ذلك (1).
أما هذا المقطع الأخير من الخبر فهو صريح في أن قوله سبحانه:
* (فاصدع بما تؤمر) * ليس بداية مرحلة الدعوة العلنية، بل كان بادئا بها من قبل مواجها ومقابلا بها المشركين ومنهم هؤلاء المستهزئون، قد بلغت المواجهة بعد الاستهزاء إلى حد التهديد بالقتل إن لم يرجع عن قوله، وأن قوله سبحانه * (فاصدع بما تؤمر) * ليس الا اخبارا برفع المانع بعد وجود المقتضي كما يقولون، لا ايجادا للمقتضي. فكيف التوفيق؟ وعلى هذا فمعنى الإعراض عن المشركين هنا هو عدم الاعتناء والاعتداد بتهديدهم. ومعنى قوله * (فاصدع) * هو عدم ترتيب الأثر على تهديدهم بدخول الدار وغلق الباب والامتناع عن الدعوة بالرسالة، وليس البدء بها.
وقد مر في خبر الطبرسي: قالوا: أتى جبرئيل النبي (صلى الله عليه وآله) والمستهزئون يطوفون بالبيت... ولا نجد هذا في خبر الكاظم عن علي (عليه السلام)، ومتى كان ذلك هل قبل نزول الآية أم بعدها؟
نجد جواب ذلك فيما رواه الراوندي في " الخرائج والجرائح " قال:
روي أنه لما نزل * (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين انا كفيناك المستهزئين) * بشر النبي أصحابه: أن الله كفاه أمرهم يعني خمسة نفر، فأتى