عقائل الحي، أركب الصعبة والذلول، لا أبقي مطرحا من البلاد أرتجي فيه ربحا من الأموال الا ركبت إليه من الشام بأثاثه وخرثيه - أي متاعه - أريد كبة العرب أي جماعتهم.
فعدت من الشام وقد دهم الموسم، فدفعت إلى الموسم مسدفا - أي ليلا - فحبست الركاب حتى انجلى عني قميص الليل، وإذا جزر تنحر وأخرى تساق للنحر، وطهاة يطهون الطعام للأكل. فبهرني ما رأيت فتقدمت أريد عميدهم. وعرف رجل شأني فقال: أمامك، فدنوت، فإذا رجل على عرش سام، تحته نمرقة، قد كار - اي لف - عمامة سوداء، وأخرج من ملاثمها جمة شعر فينانة - اي كفنن الشجر في الطول والحسن - كان الشعرى تطلع من جبينه وفي يده مخصرة، وحوله مشيخة جلة، منكسوا الأذقان، ما منهم أحد يفيض بكلمة، ودونهم خدم مشمرون إلى أنصافهم، وإذا برجل مجهر على نشز من الأرض ينادي: يا وفد الله هلموا إلى الغداء، وإنسيان على طريق من طعم يناديان: يا وفد الله من تغد فليرجع إلى العشاء. فقلت لرجل كان إلى جانبي: من هذا؟ أريد العميد؟ فقال: أبو نضلة هاشم بن عبد مناف. فخرجت وأنا أقول: هذا والله المجد، لا مجد آل جفنة!
وكان هاشم لما أراد الخروج إلى الشام حمل امرأته وابنه شيبة بن هاشم ليجعل أهله عند أهلها بالمدينة " يثرب " بني عدي بن النجار.
ولما بلغ نبأ وفاة هاشم إلى مكة قام بأمر مكة بعده أخوه المطلب بن عبد مناف. فلما كبر شيبة بن هاشم وبلغ المطلب بن عبد مناف وصف حال شيبة ابن أخيه هاشم، خرج إلى المدينة حتى دخلها عشاء - أي قرب العشية - فأتى بني عدي بن النجار وعرفه القوم ورأى غلاما على ما وصف