وكان قصي هو الذي فرض الرفادة على قريش وأمرهم بها فقال " يا معشر قريش! إنكم جيران الله وأهل بيته، أهل الحرم، وان الحاج ضيف الله وزوار بيته، وهم أحق الضيف بالكرامة، فاجعلوا لهم طعاما وشرابا أيام الحج حتى يصدروا عنكم ".
فكانوا يخرجون لذلك كل عام من أموالهم خرجا فيدفعونه إليه فيصنعه طعاما للناس أيام منى، فيأكله من لم يكن له سعة ولا زاد وجرى ذلك فيهم حتى ظهر الإسلام.
فلما كبر قصي ودق عظمه، رأى أن عبد مناف قد شرف في زمانه وهو ثاني أبنائه وبكره هو عبد الدار، فقال له: أما والله يا بني لألحقنك بهم وان كانوا قد شرفوا عليك: لا يدخل الكعبة رجل حتى تفتحها أنت لهم، ولا يعقد أحد لواء حرب لقريش الا أنت، ولا يشرب أحد بمكة الا من سقايتك، ولا يأكل أحد من أهل الموسم طعاما الا من طعامك، ولا تقطع قريش أمرا من أمورها الا في دارك. فأعطاه الحجابة واللواء والسقاية والرفادة ودار الندوة التي لا تقضي أمرا من أمورها الا فيها، فجعل إليه قصي كل ما كان بيده من أمر قومه، وكان قصي لا يخالف ولا يرد عليه شئ صنعه (1).
وقال اليعقوبي: ان قصيا قسم أمره بين ولده: فجعل السقاية والرئاسة لعبد مناف، والدار لعبد الدار، والرفادة لعبد العزى، وحافتي الوادي لعبد قصي. ومات قصي ودفن بالحجون.
ورأس عبد مناف بن قصي وجل قدره وعظم شرفه، ولما كبر أمره