قصي قبائل قريش فقسم بينهم منازلهم فأمر لقبائل قريش بالأبطح بمكة، وقسمه بينهم أرباعا، فكانت قريش كلها بالأبطح خلا بني محارب والحارث ابن فهر، وبني تميم الأدرم، وبني عامر بن لؤي، فإنهم نزلوا الظواهر.
فلما استقامت له الأمور قدم البيت فبناه بنيانا لم يبنه أحد، كان طول جدرانه تسع أذرع فجعله ثماني عشرة ذراعا، وسقف البيت بخشب شجر الدوم - وهو شجر ضخم يشبه النخل - وبنى دار الندوة إلى جانب الصفا.
فكانوا لا يتشاورون في أمر ولا يعقدون لواء للحرب ولا يختنون، ولا يتناكحون الا في دار الندوة. وحفر بئر العجول (1).
وقال ابن إسحاق: حدثني أبي إسحاق بن يسار عن الحسن بن محمد ابن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعته يقول: فولي قصي البيت وأمر مكة، فكانت إليه الحجابة - وهي مفاتيح البيت - والسقاية، والرفادة واتخذ لنفسه دار الندوة (2) جعل بابها إلى جهة الكعبة، فكانت قريش تقضي أمورها فيه، فكانوا لا يتشاورون في أمر نزل بهم، ولا يعقدون لواء لحرب قوم من غيرهم الا في داره - دار الندوة - يعقده لهم أحد ولده، حتى الجارية من قريش كانت إذا بلغت ان تتدرع - أي تلبس الدراعة وهي ستر كالعباءة القصيرة - لم تكن تتدرع الا في داره - دار الندوة - ففيها كان يشق لها دراعتها ثم ينطلق بها أهلها (3).