وقال عبد الرازق عن معمر عن عبد الله بن عثمان بن حشيم عن أبي الطفيل قال: كانت الكعبة مبنية بالرضم ليس فيها مدر، وكان قدر ما تقتحمها العناق وكانت غير مسقوفة، إنما توضع ثيابها عليها ثم تسدل سدلا عليها، وكان الركن الأسود موضوعا على سورها باديا، وكان ذات ركنين كهيئة الحلقة، فأقبلت سفينة من أرض الروم حتى إذا كانوا قريبا من جدة انكسرت، فخرجت قريش ليأخذوا خشبها، فذكروا بناء البيت، وقال: فبينا النبي صلى الله عليه وسلم يحمل حجارة من أجياد وعليه نمرة فضاقت عليه النمرة، فذهب يضع النمرة على عاتقه، فترى عورته من صغر النمرة، فنودي: يا محمد خمر عورتك * فلم ير عريانا بعد ذلك، وكان بين بنيان الكعبة وبين ما أنزل عليه خمس سنين (1).
قال الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الأصفهاني: وحديث أبي الطفيل جائز أن يكون وقوعه في حالة ثالثة، وهي انكشاف الثوب لا سقوطه، والحالتان المتقدمتان، بسقوط الثوب مرة بفعله وأخرى بغير فعله تنبيها له صلى الله عليه وسلم في الأحوال الثلاث، قال: وإذا حفظ من التعري فما فوقه أولى أن يعصم منه وينهى عنه (2).
وقال ابن إسحاق: حدثني محمد بن عبد الله بن قيس بن مخرمة عن الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده عن أبي طالب رضي الله عنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما هممت بشئ مما كان أهل الجاهلية يهمون به إلا ليلتين من الدهر، كلتاهما يعصمني الله فيها، قلت ليلة لبعض فتيان مكة ونحن رعاية غنم أهلنا، فقلت لصاحبي: أبصر لي غنمي حتى أدخل مكة فأسمر فيها كما يسمر الفتيان (3)، قال: فدخلت حتى إذا جئت أول دار من دور مكة سمعت عزفا بالغرابيل والمزامير، فقلت: ما هذا؟ فقيل: تزوج فلان، فجلست أنظر، وضرب ما فعلت؟ قلت ما فعلت شيئا، ثم أخبرته بالذي رأيت، ثم قلت له ليلة أخرى:
أبصر لي غنمي حتى أسمر بمكة، ففعل، فدخلت، فلما جئت مكة سمعت مثل الذي سمعت تلك الليلة، فسألت، فقيل: فلان نكح فلانة، فجلست أنظر فضرب الله