له رسول الله صلى الله عليه وسلم هل أبقيت شيئا؟ قال: نعم، نصف مالي ما جئت به. وبلغ عمر ما جاء به أبو بكر رضي الله عنه فقال: ما استبقنا إلى خير إلا سبقني إليه.
وحمل العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه مالا يقال إنه تسعون ألفا. وحمل طلحة ابن عبيد الله مالا. وحمل عبد الرحمن بن عوف مائتي أوقية. وحمل سعد بن عبادة ومحمد بن مسلمة (1) مالا. وتصدق عاصم بن عدي بتسعين وسقا (2) تمرا، وجهز عثمان بن عفان رضي الله عنه ثلث ذلك الجيش، فكان من أكثرهم نفقة، حتى كفي ثلث ذلك الجيش مؤنتهم، حتى إن كان ليقال: ما بقيت له حاجة!! فجاء بألف دينار ففرغها في حجر النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل يقلبها ويقول صلى الله عليه وسلم: ما ضر عثمان ما فعل بعد هذا اليوم! قالها مرارا.
ورغب عليه السلام أهل الغني في الخير والمعروف، فتبادر المسلمون في ذلك، حتى إن الرجل ليأتي بالبعير إلى الرجل والرجلين ويقول: هذا البعير بينكما تعتقبانه، ويأتي الرجل بالنفقة فيعطيها بعض من يخرج.
صدقات النساء وأتت النساء بكل ما قدرن عليه، فكن يلقين - في ثوب مبسوط بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم - المسك، والمعاضد والخلاخل، والأقرطة، والخواتيم، والخدمات (3).
وكان الناس في حر (4) شديد، وحين طابت الثمار، وأحبت الظلال، والناس يحبون المقام ويكرهون الشخوص عنها. وأخذ صلى الله عليه وسلم الناس بالجد وعسكر بثنية الوداع، والناس كثير لا يجمعهم كتاب.
خبر المخلفين وقال صلى الله عليه وسلم للجد بن قيس بن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدي ابن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاري: أبا وهب! هل لك العام تخرج معنا لعلك تحتقب من بنات الأصفر (5)! قال أو تأذن لي ولا تفتني؟ فوالله لقد عرف قومي ما أحد أشد عجبا بالنساء مني، وإني لأخشى إن رأيت نساء بني الأصفر أن لا .