وكان دليله عليه السلام علقمة بن الغفواء (1) الخزاعي. وجمع - من يوم نزل ذا خشب - بين الظهر والعصر في منزله: يؤخر الظهر حتى يبرد ويعجل العصر، ثم يجمع بينهما. فكان ذلك فعله حتى رجع من تبوك.
المتخلفون ولما مضى من ثنية الوداع، جعل يتخلف عنه قوم، فيقولون: يا رسول الله!
تخلف فلان! فيقول: دعوه! فإن يك فيه خير فيلحقه الله بكم، ولم يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه. وخرج معه ناس من المنافقين كثير، لم يخرجوا إلا رجاء الغنيمة.
خبر أبي ذر وابطا أبو ذر رضي الله عنه من أجل بعيره: كان نضوا أعجف (2)، ثم عجز فتركه وحمل متاعه على ظهره: وسار ماشيا في حر شديد وحده، حتى لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم نصف النهار وقد بلغ منه العطش، فقال له: مرحبا بأبي ذر! يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده! ما خلفك؟ فأخبره خبر بعيره، فقال:
إن كنت لمن أعز أهلي علي تخلفا! لقد غفر الله لك بكل خطوة ذنبا إلى أن بلغتني.
خبر أبي رهم وسايره أبو رهم - كلثوم بن الحصين الغفاري - ليلة فألقى عليه النعاس، فزاحمت عليه راحلته راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم - ورجله في الغرز - فما استيقظ إلا بقوله: حس (3)! فقال: يا رسول الله، استغفر لي، فقال: سر! وجعل يسأله عمن تخلف من بني غفار ويخبره، فقال: ما منع أحد أولئك حين تخلف أن يحمل على بعيره رجلا نشيطا في سبيل لله ممن يخرج معنا، فيكون له مثل أجر الخارج!
إن كان لمن أعز أهلي علي أن يتخلف عني: المهاجرون من قريش والأنصار وغفار وأسلم.