وخشيت أن ينزل في قرآن لعظيم ما صنعت، فلما أصبحنا بالجعرانة، خرجت أرعى الظهر - وما هو يومي - فرقا أن يأتي للنبي عليه السلام رسول يطلبني! فلما روحت الركاب سألت. فقالوا طلبك النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: إحداهن والله (1)! فجئته وأنا أترقب. فقال: إنك [أوجعتني] (2) برجلك فقرعتك بالسوط، فخذ هذه الغنم عوضا من (3) ضربتي [قال أبو رهم: فرضاه عني كان أحب إلي من الدنيا وما فيها] (4).
وحادثه عبد الله بن أبي حدرد (5) الأسلمي في مسيره، فلصقت ناقته بناقة النبي صلى الله عليه وسلم فأصاب رجله، فقال:
أخ (6)!! أوجعتني! ودفع رجل عبد الله بمحجن في يده، فلما نزل دعاه وقال له: أوجعتك بمحجني البارحة! خذ هذه القطعة من الغنم. فأخذها فوجدها ثمانين شاة ضائنة (7) ولما أراد أن يركب من قرن (8) راحلته، وطئ له على يدها أبو روعة الجهني، ثم ناوله الزمام بعد ما ركب، فخلف عليه السلام الناقة بالسوط، فأصاب أبا روعة فالتفت إليه وقال: أصابك السوط؟ قال: نعم، بأبي وأمي:
فلما نزل الجعرانة صاح: أين أبو روعة! قال: ها أنذا! قال خذ هذه الغنم بالذي أصابك من السوط أمس. فوجدها عشرين ومائة.
خبر سراقة بن مالك بن جعشم ولقيه سراقة بن مالك بن جعشم وهو منحدر إلى الجعرانة، فجعل الكتاب الذي كتبه أبو بكر رضي الله عنه بين إصبعيه ونادى: أنا سراقة، وهذا كتابي!
فقال عليه السلام: هذا يوم وفاء وبر، فأدنوه منه، فأسلم وساق إليه الصدقة.