فقتل بنو سليم من كان في أيديهم، وكانوا قريبا من ثلاثين رجلا. وأما المهاجرون والأنصار فأرسلوا أسراهم وقالوا، اذهبوا حيث شئتم! فغضب خالد على من أرسل أسيره. فقال له أبو أسيد الساعدي: اتق الله يا خالد! ما كنا لنقتل قوما مسلمين!
قال: وما يدريك؟ قال: تسمع إقرارهم بالإسلام، وهذه المساجد بساحتهم! فلما قدم خالد على رسول الله صلى الله عليه وسلم عاب (1) عبد الرحمن بن عوف عليه ما صنع، فتلاحيا، وأعانه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه وقال له - وقد بلغه ما صنع بعبد الرحمن بن عوف - يا خالد! ذروا لي أصحابي!
متى ينكأ أنف المرء يبجع (2) لو كان أحد ذهبا تنفقه قيراطا قيراطا في سبيل الله لم تدرك غدوة أو روحة من غدوات أو روحات عبد الرحمن بن عوف! ورفع صلى الله عليه وسلم يديه حتى رؤي بياض إبطيه، وهو يقول: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد!!
بعثة علي بالديات إلى بني جذيمة وبعث عليا رضي الله عنه إلى بني جذيمة بمال فودى لهم ما أصاب خالد، ودفع إليهم ما لهم، فبقيت لهم بقية مال، فبعث علي أبا رافع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليستزيده فزاده مالا، فودى لهم كل ما أصاب [خالد]، حتى إنه ليدي لهم ميلغة (3) الكلب وبقي مع علي شئ من المال. فقال: هذه البقية من هذا المال لكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أصاب خالد، مما لا يعلمه ولا تعلمونه. فأعطاهم ذلك وعاد فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما صنع فقال: أصبت! ما أمرت خالدا بالقتال، إنما أمرته بالدعاء! ثم أقبل على خالد رضي الله عنه وقال: لا تسبوا خالدا ابن الوليد، فإنما هو سيف من سيوف الله سله على المشركين.
فتح مكة وقد اختلف في فتح مكة، فقال الأوزاعي ومالك وأبو حنيفة: إنها فتحت عنوة ثم أمن أهلها وقال مجاهد والشافعي: فتحت صلحا بأمان عقده. وقيل:
.