المدينة من آخرنا! وأخذ التمرات فدفعها إلى غليم، فولي الغلام يلوكهن.
موت ذي البجادين ومات بتبوك عبد الله [بن عبد نهم المزني] (1) ذو البجادين (2)، فنزل صلى الله عليه وسلم قبره عشاء وهياه لشقه، وقد دلاه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما. ثم قال: اللهم إني قد أمسيت عنه راضيا فارض عنه، فقال عبد الله بن مسعود: يا ليتني كنت صاحب هذا اللحد.
مدة الإقامة بتبوك وأقام عليه السلام بتبوك عشرين ليلة - وقيل بضع عشر ليلة - يصلي ركعتين.
العسرة والجوع وآية النبوة فلما أجمع المسير أرمل الناس (3) إرمالا شديدا، فشخص على ذلك، حتى استأذنوه أن ينحروا ركابهم فأذن لهم. فلقيهم عمر رضي الله عنه وهم على نحرها، فأمرهم أن يمسكوا، ودخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أذنت للناس في حمولتهم يأكلونها (4)؟ فقال: شكوا إلي ما بلغ منهم من الجوع فأذنت لهم، تنحر لرفقة البعير والبعيرين، ويتعاقبون فيما فضل من ظهر، هم قافلون إلى أهليهم! فقال:
يا رسول الله! لا تفعل، فإن يك في الناس فضل من ظهرهم يكن (5) خيرا، ولكن ادع بفضل أزوادهم، ثم اجمعها فادع الله فيها بالبركة - كما فعلت في منصرفنا من الحديبية حيث أرملنا -، فإن الله مستجيب لك. فنادى مناديه: من كان عنده فضل زاد فليأت به. وأمر بالأنطاع فبسطت، فجعل الرجل يأتي بالمد الدقيق والسويق أو التمر، أو القبضة من الدقيق والسويق والتمر (6)، والكسر، فيوضع كل صنف على حدة، وكل ذلك قليل. فكان جميع ما جاءوا به من الدقيق والسويق .