الظهر بذي الحليفة ركعتين، وأحرم عند صلاة الظهر من يومه ذلك. ويقال: انتهى إلى ذي الحليفة عند الظهر فبات لأن تجتمع إليه أصحابه والهدي، حتى أحرم عند الظهر من الغد في ثوبين صحاريين. إزار وراداء أبدلها بالتنعيم بثوبين من جنسهما.
وقيل صلى الظهر يوم الخميس لست بقين من ذي القعدة، ثم خرج فصلى العصر بذي الحليفة، واجتمع إليه نساؤه وحج بهن جميعا في الهوادج.
فلما انتهى إليه اجتماع أصحابه والهدي، دخل مسجد ذي الحليفة بعد أن صلى الظهر فصلى ركعتين، ثم خرج فدعا بالهدي فأشعره (1) في الجانب الأيمن بيده، ووجهه إلى القبلة، وقلده نعلين نعلين (2) ثم ركب ناقته، فلما استوى بالبيداء أحرم. وقيل: أشعر هديه وقلده قبل أن يحرم. والقول - أنه لم يبت - أثبت.
الهدي وساق مائة بدنة، ويقال: إنه أمر أن يشعر ما فضل من البدن ناجية بن جندب واستعمله على الهدي وكان مع ناجية بن جندب فتيان من أسلم، وكانوا يسوقونها سوقا، يتبعون بها الرعي، وعليها الجلال (3)، فقال ناجية بن جندب: يا رسول الله، أرأيت ما عطب (4) منها كيف اصنع به؟ قال تنحره، وتلقي قلائده في دمه.
ثم تضرب به صفحته اليمني (5)، ثم لا تأكل منه ولا أحد من أهل رفقتك.
وأمر من كان معه هدي أن يهل كما أهل، وسار، وبين يديه وخلفه وعن يمينه وعن شماله أمم لا يحصون كثرة: كلهم قد قدموا ليأتموا (6) به صلى الله عليه وسلم.
ويقال: كان متسعون ألفا، ويقال: مائة وأربعة عشر ألفا، ويقال: أكثر من ذلك.
ومر صلى الله عليه وسلم برجل يسوق بدنة، فقال: اركبها، ويلك! قال: إنها بدنة؟ قال:
اركبها! وكان يأمر المشاة أن يركبوا على بدنه.
.