فسيرى الله ذلك ويعلم نبيه، وإن كانوا غير ذلك يذمهم أقبح الذم ويكذب حديثهم فقال لهم: هل أتى هذا (أحد) (1) غيري؟ قالا: نعم! رجلان قالا مثل مقالتك، وقيل لهما مثل ما قيل لك! قال: من هما؟ قالا: مرارة بن ربيع العمري وهلال بن أمية الواقفي.
النهي عن كلام الثلاثة وتمام أخبارهم ونهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلام الثلاثة من بين من تخلف عنه، فاجتنبهم الناس وتغيروا لهم، حتى تنكرت لهم أنفسهم، فلبثوا على ذلك خمسين ليلة. وقد قعد مرارة وهلال في بيوتهما، وكان كعب يخرج فيشهد الصلوات مع المسلمين ويطوف بالأسواق فلا يكلمه أحد. ويأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو في مجلسه بعد الصلوات - فيسلم عليه ويصلي قريبا منه يسارقه النظر وهو معرض عنه.
وتسور يوما جدار حائط أبي قتادة - وهو ابن عمه وأحب الناس إليه - فسلم عليه فلم يرد عليه السلام، فقال: يا أبا قتادة! أنشدك الله! هل تعلمني أحب الله ورسوله؟ فسكت، وكرر ذلك فقال في الثالثة: الله ورسوله أعلم! ففاضت عيناه وانصرف: فلما مضت أربعون ليلة بعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم - وإلى هلال ابن أمية ومرارة بن ربيع - مع خزيمة بن ثابت يأمرهم أن يعتزلوا نساءهم، فقال كعب لامرأته، ألحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر ما هو قاض!!
هلال بن أمية وبكي هلال بن أمية وامتنع عن الطعام وواصل اليومين والثلاثة ما يذوق طعاما، إلا أن يشرب الشربة من الماء أو الضيح (2) من اللبن، ويصلي الليل ولم يخرج من بيته لأن أحدا لا يكلمه، حتى إن الولدان يهجرونه لطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وجاءت امرأته فقالت: يا رسول الله، إن هلال بن أمية شيخ كبير ضائع لا خادم له، وأنا أرفق به من غيري، فإن رأيت أن تدعني أخدمه فعلت! قال: