والتمر. ثلاثة أفرق حزرا (1) ثم توضأ وصلى ركعتين ودعا الله، ونادى مناديه هلموا (2) إلى الطعام خذوا منه حاجتكم! فأقبل الناس فجعل كل من جاء بوعاء ملأه، فقال بعضهم: لقد طرحت يومئذ كسرة من خبز وقبضة من تمر، ولقد رأيت الأنطاع تفيض، وجئت بجرابين فملأت أحدهما سويقا والآخر خبزا، وأخذت في ثوبي دقيقا ما كفانا إلى المدينة. فجعل الناس يتزودون حتى نهلوا من آخرهم، حتى كان آخر ذلك أن أخذت الأنطاع ونثر ما عليها، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو واقف: أشهد أن لا إله إلا الله وأني عبده ورسوله، وأشهد أنه لا يقولها أحد من حقيقة قلبه إلا وقاه الله حر النار.
خبر النهي عن الماء وخلاف المنافقين وأقبل قافلا حتى كان بين تبوك وواد يقال له وادي الناقة (3) - هو وادي المشقق (4)، وكان فيه وشل (5) يخرج منه في أسفله قدر ما يروي الراكبين والثلاثة - فقال: من سبقنا إلى ذلك الرمل (6) فلا يستقين منه شيئا حتى ناتي. فسبق إليه أربعة من المنافقين: معتب بن قشير والحارث بن يزيد الطائي حليف بني عمرو بن عوف (7)، ووديعة بن ثابت، وزيد بن اللصيت، فقال عليه السلام: ألم أنهكم؟! ولعنهم ودعا عليهم ثم نزل فوضع يده في الوشل، ثم مسحه بإصبعه حتى اجتمع منه في كفه ماء قليل، ثم نضحه به، ثم مسحه بيده، ثم دعا بما شاء الله أن يدعو، فانخرق الماء (8) قال معاذ بن جبل: والذي نفسي بيده، لقد سمعت له من شدة انخراقه مثل الصواعق! فشرب الناس ما شاؤوا، وسقوا ما شاؤوا، ثم .