وغشى الناس بنفسه ثم خرج قيس بن سعد الأنصاري وابن ذي الكلاع الحميري فاقتلوا قتالا شديدا ثم انصرفا وذلك اليوم السادس ثم خرج الأشتر وعاد إليه حبيب بن مسلمة اليوم السابع فاقتتلا قتالا شديدا ثم انصرفا عند الظهر وكل غير غالب وذلك يوم الثلاثاء * قال أبو مخنف حدثني مالك بن أعين الجهني عن زيد ابن وهب أن عليا قال حتى متى لا نناهض هؤلاء القوم بأجمعنا فقام في الناس عشية الثلاثاء ليلة الأربعاء بعد العصر فقال الحمد لله الذي لا يبرم ما نقض وما أبرم لا ينقضه الناقضون لو شاء ما اختلف اثنان من خلقه ولا تنازعت الأمة في شئ من أمره ولا جحد المفضول ذا الفضل فضله وقد ساقتنا وهؤلاء القوم الاقدار فلفت بيننا في هذا المكان فنحن من ربنا بمرأى ومسمع فلو شاء عجل النقمة وكان منه التغيير حتى يكذب الله الظالم ويعلم الحق أين مصيره ولكنه جعل الدنيا دار الأعمال وجعل الآخرة عنده هي دار القرار ليجزى الذين أساؤا بما عملوا ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى ألا إنكم لاقو القوم غدا فأطيلوا الليلة القيام وأكثروا تلاوة القرآن وسلوا الله عز وجل النصر والصبر والقوهم بالجد والحزم وكونوا صادقين ثم انصرف ووثب الناس إلى سيوفهم ورماحهم ونبالهم يصلحونها ومر بهم كعب بن جعيل التغلبي وهو يقول:
أصبحت الأمة في أمر عجب * والملك مجموع غدا لمن غلب فقلت قولا صادقا غير كذب * إن غدا تهلك أعلام العرب قال فلما كان من الليل خرج على فعبى الناس ليلته كلها حتى إذا أصبح زحف بالناس وخرج إليه معاوية في أهل الشام فأخذ على يقول من هذه القبيلة ومن هذه القبيلة فنسبت له قبائل أهل الشأم حتى إذا عرفهم ورأى مراكزهم قال للأزد اكفوني الأزد وقال لخثعم اكفوني خثعم وأمر كل قبيلة من أهل العراق أن تكفيه أختها من أهل الشأم إلا أن تكون قبيلة ليس منها بالشام أحد فيصرفها إلى قبيلة أخرى تكون بالشام ليس منهم بالعراق واحد مثل بجيلة لم يكن منهم بالشام إلا عدد قليل فصرفهم إلى لخم ثم تناهض الناس يوم الأربعاء فاقتتلوا قتالا شديدا نهارهم