خال به ومفير عليه بطاعة أمير المؤمنين ومناصحته والإقامة معه وفى ذلك حظه ورشده فقمت من عنده وأردت الرجوع إلى أمير المؤمنين لأعلمه بالذي كان ثم اطمأننت إلى قول صاحبي فرجعت إلى منزلي فبت به ثم أصبحت فلما ارتفع الضحى أتيت أمير المؤمنين فجلست عنده ساعة وأنا أريد أن أحدثه بالذي كان من قوله لي على خلوة فأطلت الجلوس فلم يزدد الناس إلا كثرة قد نوت منه فجلست وراءه فأصغى إلى بأذنيه فخبرته بما سمعت من الخريت بن راشد وبما قلت له وبما رد على وبما كان من مقالتي لابن عمه وبما رد على فقال دعه فان عرف الحق وأقبل إليه عرفنا ذلك وقبلنا منه وإن أبى طلبناه فقلت يا أمير المؤمنين ولم لا تأخذه الآن وتستوثق منه وتحبسه فقال إنا لو فعلنا هذا بكل من نتهمه من الناس ملانا سجننا منهم ولا أراه يعنى الوثوب على الناس والحبس والعقوبة حتى يظهروا لنا الخلاف قال فسكت عنه وتنحيت فجلست مع القوم ثم مكث ما شاء الله ثم أنه قال ادن منى فدنوت منه فقال لي مسرا اذهب إلى منزل الرجل فاعلم لي ما فعل فإنه كل يوم لم يكن يأتيني فيه إلا قبل هذه الساعة فأتيت منزله فإذا ليس في منزله منهم ديار فدعوت على أبواب دور أخرى كان فيها طائفة من أصحابه فإذا ليس فيها داع ولا مجيب فرجعت فقال لي حين رآني وطنوا فأمنوا أم جنبوا فظعنوا فقلت بل ظعنوا فأعلنوا فقال قد فعلوها بعدا لهم كما بعدت ثمود أما لو قد أشرعت لهم الأسنة وصببت على هامهم السيوف لقد ندموا أن الشيطان اليوم قد استهواهم وأضلهم وهو غدا متبرئ منهم ومخل عنهم فقام إليه زياد بن خصفة فقال يا أمير المؤمنين إنه لو لم يكن من مضرة هؤلاء إلا فراقهم إيانا لم يعظم فقدهم فنأسى عليهم فإنهم قلما يزيدون في عددنا لو أقاموا معنا وقلما ينقصون من عددنا بخروجهم عنا ولكنا نخاف أن يفسدوا علينا جماعة كثيرة ممن يقدمون عليه من أهل طاعتك فأذن لي في اتباعهم حتى أردهم عليك إن شاء الله فقال له على وهل تدرى أين توجه القوم فقال لا ولكني أخرج فأسأل وأتبع الأثر فقال له اخرج رحمك الله حتى تنزل دير أبى موسى ثم لا تتوجه حتى يأتيك أمري فإنهم إن كانوا خرجوا
(٨٨)