قال فجاءه هذا الكتاب وهو يومئذ بفلسطين فدعا النفر الذين سماهم في الكتاب فقال ماذا ترون قالوا الرأي أن تبعث جندا من قبلك فإنك تفتتحها بإذن الله قال معاوية فتجهز يا أبا عبد الله إليها يعنى عمرو بن العاص قال فبعثه في ستة آلاف رجل وخرج معاوية وودعه وقال له عند وداعه إياه أوصيك يا عمرو بتقوى الله والرفق فإنه يمن وبالمهل والتؤدة فإن العجلة من الشيطان وبأن تقبل ممن أقبل وأن تعفو عمن أدبر فإن قبل فنها ونعمت وإن أبى فإن السطوة بعد المعذرة أبلغ في الحجة وأحسن في العاقبة وادع الناس إلى الصلح والجماعة فإذا أنت ظهرت فليكن أنصارك آثر الناس عندك وكل الناس فأول حسنا قال فخرج عمرو يسير حتى نزل أداني أرض مصر فاجتمعت العثمانية إليه فأقام بهم وكتب إلى محمد بن أبي بكر أما بعد فتنح عنى بدمك يا ابن أبي بكر فإني لا أحب أن يصيبك منى ظفر إن الناس بهذه البلاد قد اجتمعوا على خلافك ورفض أمرك وندموا على اتباعك فهم مسلموك لو قد التقت حلقتا البطان فاخرج منها فإني لك من الناصحين والسلام وبعث إليه عمرو أيضا بكتاب معاوية إليه أما بعد فإن غب البغى والظلم عظيم الوبال وإن سفك الدم الحرام لا يسلم صاحبه من النقمة في الدنيا ومن التبعة الموبقة في الآخرة وإنا لا نعلم أحدا كان أعظم على عثمان بغيا ولا أسوأ له عيبا ولا أشد عليه خلافا منك سعيت عليه في الساعين وسفكت دمه في السافكين ثم أنت تظن أنى عنك نائم أو ناس لك حتى تأتى فتأمر على بلاد أنت فيها جارى وجل أهلها أنصاري يرون رأيي ويرقبون قولي ويستصرخوني عليك وقد بعثت إليك قوما حناقا عليك يستسقون دمك ويتقربون إلى الله بجهادك وقد أعطوا الله عهدا ليمثلن بك ولو لم يكن منهم إليك ما عدا قتلك ما حذرتك ولا أنذرتك ولأحببت أن يقتلوك بظلمك وقطيعتك وعدوك على عثمان يوم يطعن بمشاقصك بين خششائه وأوداجه ولكن أكره أن أمثل بقرشي ولن يسلمك الله من القصاص أبدا؟ أينما كنت والسلام قال فطوى محمد كتابيهما وبعث بهما إلى علي وكتب معهما أما بعد فإن ابن العاص قد نزل أداني أرض مصر واجتمع إليه أهل البلد جلهم
(٧٦)