الأزارقة اجتمع بعضها إلى بعض ثم حملوا على طائفة من المسلمين فهزموهم وكانت في المسلمين جولة قد كنت أشفقت أن تكون هي الاصرى منهم فلما رأيت ذلك عمدت إلى مكان يفاع فعلوته ثم دعوت إلى عشيرتي خاصة والمسلمين عامة فثاب إلى أقوام شروا أنفسهم ابتغاء مرضاة الله من أهل الدين والصبر والصدق والوفاء فقصدت بهم إلى عسكر القوم وفيه جماعتهم وحدهم وأميرهم قد أطاف به أولو فضلهم فيهم وذوو النيات منهم فاقتتلنا ساعة رمينا بالنبل وطعنا بالرماح ثم خلص الفريقان إلى السيوف فكان الجلاد بها ساعة من النهار مبالطة ومبالدة ثم إن الله عز وجل أنزل نصره على المؤمنين وضرب وجوه الكافرين ونزل طاغيتهم في رجال كثير من حماتهم وذوي نياتهم فقتلهم الله في المعركة ثم اتبعت الخيل شرادهم فقتلوا في الطريق والإخاذ والفرى والحمد لله رب العالمين والسلام عليك ورحمة الله فلما أتى هذا الكتاب الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة بعث به إلى الزبير فقرئ على الناس بمكة وكتب الحارث بن أبي ربيعة إلى المهلب أما بعد فقد بلغني كتابك تذكر فيه نصر الله إياك وظفر المسلمين فهنيئا لك يا أخا الأزد بشرف الدنيا وعزها وثواب الآخرة وفضلها والسلام عليك ورحمة الله فلما قرأ المهلب كتابه ضحك ثم قال أما تظنونه يعرفني إلا بأخي الأزد ما أهل مكة إلا أعراب (قال أبو مخنف) فحدثني أبو المخارق الراسبي أن أبا علقمة اليحمدي قاتل يوم سلى وسلبرى قتالا لم يقاتله أحد من الناس وأنه أخذ ينادى في شباب الأزد وفتيان اليحمد أعيرونا جماجمكم ساعة من نهار فأخذ فتيان منهم يكرون فيقاتلون ثم يرجعون إليه يضحكون ويقولون يا أبا علقمة القدور تستعار فلما ظهر المهلب ورأى من بلائه ما رأى وفاه مائة ألف * وقد قيل إن أهل البصرة قد كانوا سألوا الأحنف قبل المهلب أن يقاتل الأزارقة وأشار عليهم بالمهلب وقال هو أقوى على حربهم منى وأن المهلب إذ أجابهم إلى قتالهم شرط على أهل البصرة أن ما غلب عليه من الأرض فهو له ولمن خف معه من قومه وغيرهم ثلاث سنين وأنه ليس لمن تخلف عنه منه شئ فأجابوه إلى ذلك وكتب بذلك عليهم كتابا وأوفدوا بذلك وفدا إلى ابن الزبير وأن ابن الزبير أمضى تلك الشروط كلها للمهلب
(٤٨٢)