تعبيتهم ومصافهم حذرين معدين فلم يصيبوا للقوم غرة ولم يظفروا منهم بشئ فلما ذهبوا ليرجعوا ناداهم عبيد الله بن زياد بن ظبيان فقال:
وجدتمونا وقرا أنجادا * لا كشفا خورا ولا أوغادا هيهات إنا إذا صيح بنا أبينا يا أهل النار ألا ابكروا إليها غدا فإنها مأواكم ومثواكم قالوا يا فاسق وهل تذخر النار إلا لك ولاشباهك إنها أعدت للكافرين وأنت منهم قال أتسمعون كل مملوك لي حر إن دخلتم أنتم الجنة إن بقى فيما بين سفوان إلى أقصى حجر من أرض خراسان مجوسي ينكح أمه وابنته وأخته إلا دخلها قال له عبيدة اسكت يا فاسق فإنما أنت عبد للجبار العنيد ووزير للظالم الكفور قال يا فاسق وأنت عدو المؤمن التقى ووزير الشيطان الرجيم فقال الناس لابن ظبيان وفقك الله يا ابن ظبيان فقد والله أجبت الفاسق بجوابه وصدقته فلما أصبح الناس أخرجهم المهلب على تعبيتهم وأخماسهم ومواقفهم الأزد وتميم ميمنة الناس وبكر بن وائل وعبد القيس ميسرة الناس وأهل العالية في القلب وسط الناس وخرجت الخوارج على ميمنتهم عبيدة بن هلال اليشكري وعلى ميسرتهم الزبير بن الماحوز وجاؤا وهم أحسن عدة وأكرم خيولا وأكثر سلاحا من أهل البصرة وذلك لانهم مخروا الأرض وجردوها وأكلوا ما بين كرمان إلى الأهواز فجاءوا عليهم مغافر تضرب إلى صدورهم وعليهم دروع يسحبونها وسوق من زرد يشدونها بكلاليب الحديد إلى مناطقهم فالتقى الناس فاقتتلوا كأشد القتال فصبر بعضهم لبعض عامة النهار ثم إن الخوارج شدت على الناس بأجمعها شدة منكرة فأجفل الناس وانصاعوا منهزمين لاتلوى أم على ولد حتى بلغ البصرة هزيمة الناس وخافوا السباء وأسرع المهلب حتى سبقهم إلى مكان يفاع في جانب عن سنن المنهزمين ثم إنه نادى الناس إلى إلى عباد الله فثاب إليه جماعة من قومه وثابت إليه سرية عمان فاجتمع إليه منهم نحو من ثلاثة آلاف فلما نظر إلى من قد اجتمع رضى جماعتهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإن الله ربما يكل الجمع الكثير إلى أنفسهم فيهزمون وينزل النصر على الجمع اليسير فيظهرون ولعمري