عقبة ومسلم على سريره مريض فقال احملوني فضعوني في الصف فوضعوه بعد ما حملوه أمام فسطاطه في الصف وحمل الفضل بن العباس هو وأصحابه أولئك حتى انتهى إلى السرير وكان الفضل أحمر فلما رفع السيف ليضربه صاح بأصحابه إن العبد الأحمر قاتلي فأين أنتم يا بنى الحرائر اسجروه بالرماح فوثبوا إليه فطعنوه حتى سقط (قال هشام) قال أبو مخنف ثم إن خيل مسلم ورجاله أقبلت نحو عبد الله ابن حنظلة الغسيل ورجاله بعدة كما حدثني عبد الله بن منقذ حتى دنوا منه وركب مسلم بن عقبة فرسا له فأخذ يسير في أهل الشأم ويحرضهم ويقول يا أهل الشأم انكم لستم بأفضل العرب في أحسابهم ولا أنسابها ولا أكثرها عددا ولا أوسعها بلدا ولم يخصصكم الله بالذي خصكم به من النصر على عدوكم وحسن المنزلة عند أئمتكم إلا بطاعتكم واستقامتكم وإن هؤلاء القوم وأشباههم من العرب غيروا فغير الله بهم فتموا على أحسن ما كنتم عليه من الطاعة يتمم الله لكم أحسن ما ينيلكم من النصر والفلج ثم جاء حتى انتهى إلى مكانه الذي كان فيه وأمر الخيل أن تقدم على ابن الغسيل وأصحابه فأخذت الخيل إذا أقدمت على الرجال فثاروا في وجوهها بالرماح والسيوف نفرت وابذعرت وأحجمت فنادى فيهم مسلم ابن عقبة يا أهل الشأم ما جعلهم الله أولى بالأرض منكم يا حصين بن نمير انزل في جندك فنزل في أهل حمص فمشى إليهم فلما رآهم قد أقبلوا يمشوا تحت راياتهم نحو ابن الغسيل قام في أصحابه فقال يا هؤلاء ان عدوكم قد أصابوا وجه القتال الذي كان ينبغي أن تقاتلوهم به وأنى قد ظننت ألا تلبثوا إلا ساعة حتى يفصل الله بينكم وبينهم إمالكم وإما عليكم أما أنكم أهل البصيرة ودار الهجرة والله ما أظن ربكم أصبح عن أهل بلد من بلدان المسلمين بأرضى منه عنكم ولا على أهل بلد من بلدان العرب بأسخط منه على هؤلاء القوم الذين يقاتلونكم إن لكل امرئ منكم ميتة هو ميت بها والله ما من ميتة بأفضل من ميتة الشهادة وقد ساقها الله إليكم فإغتنموها فوالله ما كل ما أردتموها وجدتموها ثم مشى برايته غير بعيد ثم وقف وجاء ابن نمير برايته حتى أدناها وأمر مسلم بن عقبة عبد الله
(٣٧٦)