خدعوا شطر هذه الأمة وأشربوا قلوبهم حب الفتنة واستمالوا أهواءهم بالإفك والبهتان قد نصبوا لنا الحرب في إطفاء نور الله عز وجل اللهم فافضض خدمتهم وشتت كلمتهم وأبسلهم بخطاياهم فإنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت * قال أبو مخنف حدثني نمير بن وعلة عن الشعبي أن عليا مر بأهل راية فرآهم لا يزولون عن موقفهم فحرض عليهم الناس وذكر أنهم غسان فقال إن هؤلاء لن يزولوا عن موقفهم دون طعن دراك يخرج منهم النسم وضرب يفلق منه الهام ويطيح العظام وتسقط منه المعاصم والأكف وحتى يصدع جباههم بعمد الحديد وتنتشر حواجبهم على الصدور والأذقان أين أهل الصبر وطلاب الاجر فثاب إليه عصابة من المسلمين فدعا ابنه محمدا فقال امش نحو أهل هذه الراية مشيا رويدا على هينتك حتى إذا أشرعت في صدورهم الرماح فأمسك حتى يأتيك رأيي ففعل وأعد على مثلهم فلما دنا منهم فأشرع بالرماح في صدورهم أمر على الذين أعد فشدوا عليهم وأنهض محمدا بمن معه في وجوههم فزالوا عن مواقفهم وأصابوا منهم رجالا ثم اقتتل الناس بعد المغرب قتالا شديدا فما صلى أكثر الناس إلا إيماء * قال أبو مخنف حدثني أبو بكر الكندي أن عبد الله بن كعب المرادي قتل يوم صفين فمر به الأسود بن قيس المرادي فقال يا أسود قال لبيك وعرفه بآخر رمق فقال عز والله على بمصرعك أما والله لو شهدتك لآسيتك ولدافعت عنك ولو عرفت الذي أشعرك لأحببت ألا يتزايل حتى أقتله أو ألحق بك ثم نزل إليه فقال أما والله إن كان جارك ليأمن بوائقك وإن كنت من الذاكرين الله كثيرا أوصني رحمك الله فقال أوصيك بتقوى الله عز وجل وأن تناصح أمير المؤمنين وتقاتل معه المحلين حتى تظهر أو تلحق بالله قال وأبلغه عنى السلام وقل له قاتل عن المعركة حتى تجعلها خلف ظهرك فإنه من أصبح غدا والمعركة خلف ظهره كان العالي ثم لم يلبث أن مات فأقبل الأسود إلى علي فأخبره فقال رحمه الله جاهد فينا عدونا في الحياة ونصح لنا في الوفاة * قال أبو مخنف حدثني محمد بن إسحاق مولى بني المطلب أن عبد الرحمن بن حنبل الجمحي هو الذي أشار على على بهذا الرأي يوم صفين
(٣٢)