المشمعل الأسديين قالا خرجنا حاجين من الكوفة حتى قدمنا مكة فدخلنا يوم التروية فإذا نحن بالحسين وعبد الله بن الزبير قائمين عند ارتفاع الضحى فيما بين الحجر والباب قالا فتقر بنا منهما فسمعنا ابن الزبير وهو يقول للحسين إن شئت أن تقيم أقمت فوليت هذا الامر فآزرناك وساعدناك ونصحنا لك وبايعناك فقال له الحسين إن أبى حدثني أن بها كبشا يستحل حرمتها فما أحب أن أكون أنا ذلك الكبش فقال له ابن الزبير فأقم إن شئت وتوليني أنا الامر فتطاع ولا تعصى فقال وما أريد هذا أيضا قالا ثم إنهما أخفيا كلامهما دوننا فما زالا يتناجيان حتى سمعنا دعاء الناس رائحين متوجهين إلى منى عند الظهر قالا فطاف الحسين بالبيت وبين الصفا والمروة وقص من شعره وحل من عمرته ثم توجه نحو الكوفة وتوجهنا نحو الناس إلى منى (قال أبو مخنف) عن أبي سعيد عقيصى عن بعض أصحابه قال سمعت الحسين بن علي وهو بمكة وهو واقف مع عبد الله بن الزبير فقال له ابن الزبير إلى يا ابن فاطمة فأصغى إليه فساره قال ثم التفت إلينا الحسين فقال أتدرون ما يقول ابن الزبير فقلنا لا ندري جعلنا الله فداك فقال قال أقم في هذا المسجد أجمع لك الناس ثم قال الحسين والله لان أقتل خارجا منها بشبر أحب إلى من أن أقتل داخلا منها بشبر وأيم الله لو كنت في جحر هامة من هذه الهوام لاستخرجوني حتى يقضوا في حاجتهم ووالله ليعتدن على كما اعتدت اليهود في السبت (قال أبو مخنف) حدثني الحارث بن كعب الوالبي عن عقبة بن سمعان قال لما خرج الحسين من مكة اعترضه رسل عمرو بن سعيد بن العاص عليهم يحيى بن سعيد فقالوا له انصرف أين تذهب فأبى عليهم ومضى وتدافع الفريقان فاضطربوا بالسياط ثم إن الحسين وأصحابه امتنعوا منهم امتناعا قويا ومضى الحسين عليه السلام على وجهه فنادوه يا حسين ألا تتقى الله تخرج من الجماعة وتفرق بين هذه الأمة فتأول حسين قول الله عز وجل (لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا برئ مما تعملون) قال ثم إن الحسين أقبل حتى مر بالتنعيم فلقى بها عيرا قد أقبل بها من اليمن بعث بها بحير بن ريسان الحميري إلى يزيد بن معاوية وكان عامله على
(٢٨٩)