الله اسقيني ماء فدخلت فسقته فجلس وأدخلت الاناء ثم خرجت فقالت يا عبد الله ألم تشرب قال بلى قالت فاذهب إلى أهلك فسكت ثم عادت فقالت مثل ذلك فسكت ثم قالت له فئ لله سبحان الله يا عبد الله فمر إلى أهلك عافاك الله فإنه لا يصلح لك الجلوس على بابى ولا أحله لك فقام فقال يا أمة الله مالي في هذا المصر منزل ولا عشيرة فهل لك إلى أجر ومعروف ولعلى مكافئك به بعد اليوم فقالت يا عبد الله وما ذاك قال أنا مسلم بن عقيل كذبني هؤلاء القوم وغروني قالت أنت مسلم قال نعم قالت ادخل فأدخلته بيتا في دارها غير البيت الذي تكون فيه وفرشت له وعرضت عليه العشاء فلم يتعش ولم يكن بأسرع من أن جاء ابنها فرآها تكثر الدخول في البيت والخروج منه فقال والله إنه ليريبني كثرة دخولك هذا البيت منذ الليلة وخروجك منه إن لك لشأنا قالت يا بنى اله عن هذا قال لها والله لتخبرني قالت أقبل على شأنك ولا تسألني عن شئ فألح عليها فقالت يا بنى لا تحدثن أحدا من الناس بما أخبرك به وأخذت عليه الايمان فحلف لها فأخبرته فاضطجع وسكت وزعموا أنه قد كان شريدا من الناس وقال بعضهم كان يشرب مع أصحاب له ولما طال على ابن زياد وأخذ لا يسمع لأصحاب ابن عقيل صوتا كما كان يسمعه قبل ذلك قال لأصحابه أشرفوا فانظر وأهل ترون منهم أحدا فأشرفوا فلم يروا أحدا قال فانظروا لعلهم تحت الظلال قد كمنوا لكم ففرعوا بحابح المسجد وجعلوا يخفضون شعل النار في أيديهم ثم ينظرون هل في الظلال أحد وكانت أحيانا تضئ لهم وأحيانا لا تضئ لهم كما يريدون فدولوا القناديل وأنصاف الطنان تشد بالحبال ثم تجعل فيها النيران ثم تدلى حتى تنتهى إلى الأرض ففعلوا ذلك في أقصى الظلال وأدناها وأوسطها حتى فعلوا ذلك بالظلة التي فيها المنبر فلما لم يروا شيئا أعلموا ابن زياد ففتح باب السدة التي في المسجد ثم خرج فصعد المنبر وخرج أصحابه معه فأمرهم فجلسوا حوله قبيل العتمة وأمر عمرو بن نافع فنادى ألا برئت الذمة من رجل من الشرطة والعرفاء أو المناكب أو المقاتلة صلى العتمة إلا في المسجد فلم يكن له إلا ساعة حتى امتلا المسجد من الناس ثم أمر مناديه فأقام الصلاة فقال الحصين بن تميم إن شئت صليت بالناس أو يصلى بهم غيرك
(٢٧٨)