اليمن وعلى العير الورس والحلل ينطلق بها إلى يزيد فأخذها الحسين فانطلق بهم قال لأصحاب الإبل لا أكرهكم من أحب أن يمضى معنا إلى العراق أو فينا كراءه وأحسنا صحبته ومن أحب أن يفارقنا من مكاننا هذا أعطيناه من الكراء على قدر ما قطع من الأرض قال فمن فارقه منهم حوسب فأوفى حقه ومن مضى منهم معه أعطاه كراءه وكساه (قال أبو مخنف) عن أبي جناب عن عدى بن حرملة عن عبد الله بن سليم والمذري قالا أقبلنا حتى انتهينا إلى الصفاح فلقينا الفرزدق بن غالب الشاعر فواقف حسينا فقال له أعطاك الله سؤلك وأملك فيما تحب فقال له الحسين بين لنا نبأ الناس خلفك فقال له الفرزدق من الخبير سألت قلوب الناس معك وسيوفهم مع بنى أمية والقضاء ينزل من السماء والله يفعل ما يشاء فقال له الحسين صدقت لله الامر والله يفعل ما يشاء وكل يوم ربنا في شأن إن نزل القضاء بما نحب فنحمد الله على نعمائه وهو المستعان على أداء الشكر وإن حال القضاء دون الرجاء فلم يعتد من كان الحق نيته والتقوى سريرته ثم حرك الحسين راحلته فقال السلام عليك ثم افترقا (قال هشام) عن عوانة بن الحكم عن لبطة بن الفرزدق ابن غالب عن أبيه قال حججت بأمي فأنا أسوق بعيرها حين دخلت الحرم في أيام الحج وذلك في سنة 60 إذ لقيت الحسين بن علي خارجا من مكة معه أسيافه وتراسه فقلت لمن هذا القطار فقيل للحسين بن علي فأتيته فقلت بأبي وأمي يا ابن رسول الله ما أعجلك عن الحج فقال لو لم أعجل لأخذت قال ثم سألني ممن أنت فقلت له امرؤ من العراق قال فوالله ما فتشني عن أكثر من ذلك واكتفى بها منى فقال أخبرني عن الناس خلفك قال فقلت له القلوب معك والسيوف مع بنى أمية والقضاء بيد الله قال فقال لي صدقت قال فسألته عن أشياء فأخبرني بها من نذور ومناك قال وإذا هو ثقيل اللسان من برسام أصابه بالعراق قال ثم مضيت فإذا بفسطاط مضروب في الحرم وهيئته حسنة فأتيته فإذا هو لعبد الله بن عمرو بن العاص فسألني فأخبرته بلقاء الحسين بن علي فقال لي ويلك فهلا اتبعته فوالله ليملكن ولا يجوز السلاح فيه ولا في أصحابه قال فهممت والله أن ألحق به ووقع في قلبي مقالته ثم ذكرت الأنبياء وقتلهم فصدني لك
(٢٩٠)