قال فأخذت الخوارج كلما حملت عليهم انحازوا وهم كانوا حامية وإذا أخذوا في الكرة عليهم فتفرق جماعتهم قرب أبو الرواغ وأصحابه على خيلهم في آثارهم فلما رأوا أنهم لا يفارقونهم وقد طاردوهم هكذا من ارتفاع الضحى إلى الأولى فلما حضرت صلاة الظهر نزل المستورد للصلاة واعتزل أبو الرواغ وأصحابه على رأس ميل منهم أو ميلين ونزل أصحابه فصلوا الظهر وأقاموا رجلين ربيئة وأقاموا مكانهم حتى صلوا العصر ثم إن فتى جاءهم بكتاب معقل بن قيس إلى أبى الرواغ وكان أهل القرى وعابرو السبيل يمرون عليهم ويرونهم يقتتلون فمن مضى منهم على الطريق نحو الوجه الذي يأتي من قبله معقل استقبل معقلا فأخبره بالتقاء أصحابه والخوارج فيقول كيف رأيتموهم يصنعون فيقولون رأينا الحرورية تطرد أصحابك فيقول أما رأيتم أصحابي يعطفون عليهم ويقاتلوهم فيقولون بلى يعطفون عليهم وينهزمون فقال إن كان ظني بأبي الرواغ صادقا لا يقدم عليكم منهزما أبدا ثم وقف عليهم فدعا محرز بن شهاب بن بجير بن سفيان بن خالد بن منقر التميمي فقال له تخلف في ضعفة الناس ثم سر بهم على مهل حتى تقدم بهم على ثم نادى في أهل القوة ليتعجل كل ذي قوة معي اعجلوا إلى إخوانكم فإنهم قد لاقوا عدوهم وإني لأرجو أن يهلكهم الله قبل أن تصلوا إليهم * قال فاستجمع من أهل القوة والشجاعة وأهل الخيل الجياد نحو من سبعمائة وسار فأسرع فلما دنا من أبى الرواغ قال أبو الرواغ هذه غبرة الخيل تقدموا بنا إلى عدونا حتى يقدم علينا الجند ونحن منهم قريب فلا يرون أننا تنحينا عنهم ولأهبناهم قال فاستقدم أبو الرواغ حتى وقف مقابل المستورد وأصحابه وغشيهم معقل في أصحابه فلما دنا منهم غربت الشمس فنزل فصلى بأصحابه ونزل أبو الرواغ فصلى بأصحابه في جانب آخر وصلى الخوارج أيضا ثم إن معقل بن قيس أقبل بأصحابه حتى إذا دنا من أبى الرواغ دعاه فأتاه فقال له أحسنت أبا الرواغ هكذا الظن بك الصبر والمحافظة فقال أصلحك الله إن لهم شدات منكرات فلا تكن أنت تليها بنفسك ولكن قدم بين يديك من يقاتلهم وكن أنت من وراء الناس ردءا لهم فقال نعم ما رأيت فوالله ما كان إلا ريثما قالها
(١٥٠)