جرجرايا فعبرنا دجلة فمصينا كما نحن في أرض جوخى حتى بلغنا المذار فأقمنا فيها وبلغ عبد الله بن عامر مكاننا الذي كنا فيه فسأل عن المغيرة بن شعبة كيف صنع في الجيش الذي بعث إلى الخوارج وكم عدتهم فأخبر بعدتهم وقيل له إن المغيرة نظر إلى رجل شريف رئيس قد كان قاتل الخوارج مع علي عليه السلام وكان من أصحابه فبعثه وبعث معه شيعة على لعداوتهم لهم فقال أصاب الرأي فبعث إلى شريك بن الأعور الحارثي وكان يرى رأي علي عليه السلام فقال له اخرج إلى هذه المارقة فانتخب ثلاثة آلاف رجل من الناس ثم اتبعهم حتى تخرجهم من أرض البصرة أو تقتلهم وقال له بينه وبينه اخرج إلى أعداء الله بمن يستحل قتالهم من أهل البصرة فظن شريك به إنما يعنى شيعة علي عليه السلام ولكنه يكره أن يسميهم فانتخب الناس وألح على فرسان ربيعة الذين كان رأيهم في الشيعة وكان تجيبه العظماء منهم ثم إنه خرج فيهم مقبلا إلى المستورد بن علفة بالمذار * قال أبو مخنف وحدثني حصيرة بن عبد الله بن الحارث عن أبيه عبد الله بن الحارث قال كنت في الذين خرجوا مع معقل بن قيس فأقبلت معه فوالله ما فارقته ساعة من نهار منذ خرجت فكان أول منزل نزلناه سورا * قال فمكثنا به يوما حتى اجتمع إليه جل أصحابه ثم خرجنا مسرعين مبادرين لعدونا أن يفوتنا فبعثنا طليعة فارتحلنا فنزلنا كوثى فأقمنا بها يوما حتى لحق بنا من تخلف ثم أدلج بنا من كوثى وقد مضى من الليل هزيع فأقبلنا حتى دنونا من المدائن فاستقبلنا الناس فأخبرونا أنهم قد ارتحلوا فشق علينا والله ذلك وأيقنا بالعناء وطول الطلب * قال وجاء معقل بن قيس حتى نزل باب مدينة بهر سير ولم يدخلها فخرج إليه سماك بن عبيد فسلم عليه وأمر غلمانه ومواليه فأتوه بالجزر والشعير وألقت فجاءوه من ذلك بكل ما كفاه وكفى الجند الذين كانوا معه ثم إن معقل بن قيس بعد أن أقام بالمدائن ثلاثا جمع أصحابه فقال إن هؤلاء المارقة الضلال إنما خرجوا فذهبوا على وجوههم إرادة أن تتعجلوا في آثارهم فتتقطعوا وتتبددوا ولا تلحقوا بهم إلا وقد تعبتم ونصبتم وأنه ليس شئ يدخل عليكم من ذلك إلا وقد يدخل عليهم مثله فخرج بنا من المدائن فقدم
(١٤٨)