إليهم فإن لم أفعل رأيتني قد قطعت رحمك واستخففت بحقك قال فخرج عثمان فخطب الخطبة التي نزع فيها وأعطى الناس من نفسه التوبة فقام فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال أما بعد أيها الناس فوالله ما عاب من عاب منكم شيئا أجهله وما جئت شيئا إلا وأنا أعرفه ولكني مننتني نفسي وكذبتني وضل عني رشدي ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من زل فليتب ومن أخطأ فليتب ولا يتمادى في الهلكة إن من تمادى في الجور كان أبعد من الطريق فأنا أول من اتعظ أستغفر الله مما فعلت وأتوب إليه فمثلي نزع وتاب فإذا نزلت فليأتني أشرافكم فليروني رأيهم فوالله لئن ردني الحق عبدا لأستنن بسنة العبد ولأذلن ذل العبد ولأكونن كالمرقوق إن ملك صبر وإن عتق شكر وما عن الله مذهب إلا إليه فلا يعجزن عنكم خياركم أن يدنوا إلي لئن أبت يميني لتتابعني شمالي قال فرق الناس له يومئذ وبكى من بكى منهم وقام إليه سعيد بن زيد فقال يا أمير المؤمنين ليس بواصل لك من ليس معك الله الله في نفسك فأتمم على ما قلت فلما نزل عثمان وجد في منزله مروان وسعيدا ونفرا من بنى أمية ولام يكونوا شهدوا الخطبة فلما جلس قال مروان يا أمير المؤمنين أتكلم أم أصمت فقالت نائلة ابنة الفرافضة امرأة عثمان الكلبية لا بل اصمت فإنهم والله قاتلوه ومؤثموه إنه قد قال مقالة لا ينبغي له أن ينزع عنها فأقبل عليها مروان فقال ما أنت وذاك فوالله لقد مات أبوك وما يحسن يتوضأ فقالن له مهلا يا مروان عن ذكر الآباء تخبر عن أبي وهو غائب تكذب عليه وإن أباك لا يستطيع أن يدفع عنه أما والله لولا أنه عمه وأنه يناله غمه أخبرتك عنه ما لن أكذب عليه قال فأعرض عنها مروان ثم قال يا أمير المؤمنين أتكلم أم أصمت قال بل تكلم فقال مروان بأبي أنت وأمي والله لوددت أن مقالتك هذه كانت وأنت ممتنع منيع فكنت أول من رضى بها وأعان عليها ولكنك قلت ما قلت حين بلغ الحزام الطبيين وخلف السبيل الزبى وحين أعطى الخطة الذليلة الذليل والله لإقامة على خطيئة تستغفر الله منها أجمل من توبة تخوف عليها وإنك إن شئت تقربت بالتوبة ولم تقرب بالخطيئة وقد اجتمع إليك على الباب مثل الجبال من الناس فقال عثمان فاخرج إليهم
(٣٩٦)