محمود فأخبرني محمد بن مسلمة قال ما برحنا من ذي خشب حتى رحلوا راجعين إلى مصر وجعلوا يسلمون علي فما أنسى قول عبد الرحمن بن عديس أتوصينا يا أبا عبد الرحمن بحاجة قال قلت تتقى الله وحده لا شريك له وترد من قبلك عن امامه فإنه قد وعدنا أن يرجع وينزع قال ابن عديس أفعل إن شاء الله قال فرجع القوم إلى المدينة قال محمد بن عمر فحدثني عبد الله بن محمد عن أبيه قال لما رجع علي عليه السلام إلى عثمان رضي الله عنه أخبره أنهم قد رجعوا وكلمه علي كلاما في نفسه قال له اعلم أني قائل فيك أكثر مما قلت قال ثم خرج إلى بيته قال فمكث عثمان ذلك اليوم حتى إذا كان الغد جاءه مروان فقال له تكلم وأعلم الناس أن أهل مصر قد رجعوا وأن ما بلغهم عن إمامهم كان باطلا فإن خطبتك تسير في البلاد قبل أن يتحلب الناس عليك من أمصارهم فيأتيك من لا تستطيع دفعه قال فأبى عثمان أن يخرج قال فلم يزل به مروان حتى خرج فجلس على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد إن هؤلاء القوم من أهل مصر كان بلغهم عن إمامهم أمرا فلما تيقنوا أنه باطل ما بلغهم عنه رجعوا إلى بلادهم قال فناداه عمرو بن العاص من ناحية المسجد اتق الله يا عثمان فإنك قد ركبت نهابير وركبناها معك فتب إلى الله نتب قال فناداه عثمان وإنك هناك يا ابن النابغة قملت والله جبتك منذ تركتك من العمل قال فنودي من ناحية أخرى تب إلى الله وأظهر التوبة يكف الناس عنك قال فرفع عثمان يديه مدا واستقبل القبلة فقال اللهم إني أول تائب تاب إليك ورجع إلى منزله وخرج عمرو ابن العاص حتى نزل منزله بفلسطين فكان يقول والله إن كنت لألقى الراعي فأحرضه عليه قال محمد بن عمر فحدثني علي بن عمر عن أبيه قال ثم إن عليا جاء عثمان بعد انصراف المصريين فقال له تكلم كلاما يسمعه الناس منك ويشهدون عليه ويشهد الله على ما في قلبك من النزوغ والإنابة فان البلاد قد تمخضت عليك فلا آمن ركبا آخرين يقدمون من الكوفة فتقول يا علي اركب إليهم ولا أقدر أن أركب إليهم ولا أسمع عذرا ويقدم ركب آخرون من البصرة فنقول يا علي اركب
(٣٩٥)